تأمل (جون) الخاتم الصقيل العجيب النقوش اثناء انطلاق البعثة بين المروج الخضراء وتحت الشمس الدافئة المشرقة والقلعة تبتعد وتبتعد من خلفهم وسكانها يراقبونهم بنوع من الحزن على رحيلهم الذي اشعر الطرفين بنوع من الحزن والاحباط ..
لولا ان الوقت يمضي والمهمة تتعلق ربما بحياة الكثيرين ممن فُقدوا في البعثة السابقة لبقي الجميع هناك سنوات عمرهم كلها بلا مبالغة ..
كان القتال هذه المرة عنيفا شاقا ضد مقاتلين مدرعين اقوياء شرسون ضخام الجثث وحشيو المظهر حيث كان الكل بالكاد يتغلب عليهم ..
كان (جون) يحطم دروع احدهم بموجاته الصوتية عندما انطلق سهم من اليمين ليخترق عنق وحش منهم كان يهم بشق (جون) نصفين من الخلف بسيفه الثقيل ..
و قفزت (نورا) لتضرب صدر آخر فتلقيه ارضا وهي تقف فوق صدره ومن ثم تطلق على عينه سهما اخترق رأسه فقضى عليه وهي تقول بصوت مرهق : اللعنة .. هذا مضيعة للوقت .. لننسحب يا (يوري) نحو التلال وليقم (جون) بتعطيلهم ثم اللحاق بنا .
حالا تراجع الجميع للخلف صوب التلال بشكل منظم دون التوقف عن القتال متراصين على شكل شبه دائرة في حين تأخر (جون) قليلا وهو يطلق اسلحته الصوتية على كل ما يتحرك امامه بعد ان ضمن ان كل من كان معه قد تراجع للخلف ولم يبق امامه الا المهاجمين المتوحشين ففتح مجال الاسلحة الصوتية على اوسع مساحة ..
تحلق الجميع في حلقات متقاربة حول النيران في حراسة جيدة من وردية الحراسة وراحوا يتناولون اللحوم المشوية والسلطات والفواكه والطعام الشهي وهم يتسامرون وقد هدأت الاصوات من حولهم واشرق القمر بصفاء ورونق ..
انه الاسبوع الثالث منذ مغادرتهم القلعة ولا يزال الطريق خاليا من كل جديد باستثناء القتال شبه اليومي مع قطاع الطرق او الوحوش او جحافل المتوحشين ..
بكل الاحوال لم يخل ليلهم من الجنس بعد خروجهم من القلعة بعكس ما كانوا عليه قبل دخولها فقد اطلقت العيشة هناك جماح الجميع بعد ان عاشوا حياتهم الجنسية الحرة في القلعة والكل شاهد الجميع اثناء الممارسة بل ومارس معه احيانا ..
كان الامر مزيجا عجيبا من المتعة والخوف والحذر وشراسة القتال ..
لقد ضاجع جندي (جون) عندما كان الاخير يتصدى لاحد تلك الوحوش من خلف صخرة حيث كان (جون) منحنيا للاحتماء بالصخرة ويبدو ان الجندي لم يستطع مقاومة هذا الاغراء لمؤخرة (جون) المفتوحة امامه فتقدم وانزل سرواله الداخلي ودفع قضيبه الى عمق شرج (جون) الذي لم يتوقف عن القتال رغم ما يحدث لمؤخرته ..
ان زي جون بالكاد يغطي مؤخرته تاركا الجزء السفلي مكان التقاء الفخذين بالمؤخرة مكشوفة مع قليل من بداية تكويرة المؤخرة من الاسفل وسرواله الداخلي رفيع يغوص بين الفلقتين ولا يبان وبالكاد يغطي قضيبه وخصيتيه ..
لذا من يمكنه مقاومة منظر كهذا اذا ما انحنى(جون) لأي سبب ؟..
هو نفسه يدرك هذا لكنه لا يبالي ..
(الى اين تمضي بنا يا يوري؟)..
قالتها (نورا) من بين اسنانها وهي ترمق (يوري) بنظرة نارية وتولج رمحها في قلب وحش يتلوى صارخا تحت قدميها ممسكا رمحها محاولا بيأس اخراجه من صدره ..
نظر اليها (يوري) بصمت وقد التقت عنده عيون الجميع ثم نظر الى عشرات الجثث المتناثرة لوحوش مقاتلة مختلفة الاجناس وقد عم الصمت المكان ..
ثم اشاح بوجهه وقال بجفاف : احاول تحاشي مناطق تكتظ بجيوش لا قبل لكم بها تملأ السهول والوديان في تلك المناطق التي مررت بها من قبل .
تساءل صوت من مكان ما بسخرية : كيف مررت بها اذن ؟
قال (يوري) بغضب : احمق .. مرور فرد واحد متسلل اسهل من مرور بعثة كهذه بكل ضجيجها وعلانيتها ونيران سهراتها .
قالت (سارة) وهي تعيد ترتيب اسلحتها : ارى اننا منذ ابتعدنا عن قصر جدي ونحن نخرج من معركة لندخل اخرى .. ما الذي يجري بحق الشياطين كلها ؟ ..
رمقها (يوري) بنظرة عجيبة قبل ان يشيح بوجهه ويقول مشيرا صوب تلال بعيدة : هناك سيبدأ الجد فكل ما مر بكم هو مجرد لهو .. هناك المدينة المنسية الغامضة وهناك قرى الموت وبساتين الشيطان ومخاطر بلا عدد ربما لم اختبرها وقتها ..
و تنهد وهو يلتفت اليهم متابعا :هناك.. خلف هذه التلال التي يتطلب الوصول اليها معاناة كثيرة واياما عصيبة لذا علينا ان نوجه جهدنا وطاقتنا للوصول سالمين وليس للشك السخيف والاقتتال ما بيننا ولا تنسوا انني بينكم واعاني مثلكم واتعرض للخطر مثلكم فما الذي بربكم يجعلني موضع شك بعيونكم الغبية وتفكيركم الاحمق ؟..
ثم احكم حمل اسلحته وادواته حول جسده وامسك فأسه العتيد وقال بصوت كزمجرة الوحوش : هيا تحركوا فليس امامنا وقت طويل والرفاق لا زالوا في خطر ..
سار (يوري) بحزم متابعا الاتجاه صوب التلال فتبادل الكل النظرات ثم تحركوا بنوع من التثاقل لاحقين به تاركين ارض المعركة خلفهم ..
السير في ارض لا تعرفها حتى لو برفقة دليل كالسير في الظلام على ضوء شمعة صغيرة حيث لا ترى لأبعد من موطئ قدميك ..
كانت الرحلة طويلة خطرة مرهقة لكنها ليست مملة ..
ذات صباح مشرق وقف (يوري) فوق تلة مرتفعة والهواء يهب عليه بقوة متوسطة وقد تعلقت انظار البقية به وهو ينتظرونه اسفل التلة بانتظار ما سيخبرهم به والى اين يتجهون حيث انه يستطلع الطرق قبل خوضها ..
و عندما طال صمته سألته (سارة) بقلق : ماذا هناك يا عم (يوري) ؟
نظر اليها نظرة خاوية ثم قال بلهجة جمعت بين اليأس والضيق : تعالي وانظري .. تعالوا جميعا .. لكن لا تُظهروا انفسكم اكثر من اللازم .
تسلق الجميع التلة بحذر وقلق منعهم من الاستمتاع بمنظر مؤخرات الفتيات و(جون) التي تكشفت مع صعودهم للأعلى قبل الكل الذين رأوهم من الاسفل ..
على مد البصر وفي كلا الاتجاهات وعبر السهول الفسيحة والتلال القليلة التي تملؤها انتشرت بيوت بسيطة التكوين وخيام بلا عدد تفصل الجبل الذي عليه البعثة عن سلسلة الجبال المقابلة والتي شمخت خلف السهول الواسعة ..
قال احد الحرس بضيق ودهشة : يا للسماء .. انه جيش كامل .
قال يوري : يبدو ان احدا ما انذرهم بقدومنا او انها مصادفة سخيفة .
سألته (نورا) بسخط : وما الذي علينا فعلها بشأنهم ؟ هل نرجع لبيوتنا مثلا ؟ .
قال (يوري) ساخرا : اظن ان مواجهة هؤلاء اهون الف مرة من عودتك للمنزل.
ثم قال موجها كلامه للجميع : استمعوا جيدا .. ليس الامر بهذا السوء .. سننتظر لما بعد منتصف الليل بساعات ونتسلل من اطراف المكان بحذر حتى نبلغ المرتفعات .. فان استطعنا ان نبلغها ونتسلقها ونختفي عن انظارهم قبل شروق الشمس فسنكون بأمان دون ان نضطر للقتال .. وان حصل وتم كشف امرنا فلنقاتل ونحن ننطلق صوب الجبل فان استطعنا الصعود اليه فنحن الغالبون ولن ينالوا منا ..
قال (جون) بضيق : قتال من جديد ؟ .. اننا محظوظون لأننا لم نفقد احدا بعد .
قال احد الحرس : ان كان القتال ضروريا فلنقاتل الا ان كان هناك حل آخر .
اجابه زميل له : فلنتجنب القتال اختصارا للوقت على الاقل .
سرت همهمة ولغط خافت بين الجميع بشأن الأمر فادار (يوري) وجهه وعاد يتأمل المساحات الشاسعة التي يطلون عليها دون ان يُظهروا انفسهم وهو يفكر بشتى الامور ويقيس ببصره اعداد وقوة الحشود الضخمة هناك ..
بقي الجميع مختبئين وقد راح لغطهم يخفت رويدا روديا حتى ساد الصمت بينهم بانتظار وقت الحركة حتى ان بعضهم راح في سبات عميق ..
مع انسام الصباح الباكر جدا كان الكل يستعد للمسير في عتمة الليل الذي لم تبدأ تباشير صباحه بعد وكان الكل يعد نفسه لما قد يحدث لاحقا ..
بافكار مختلفة وصمت مشترك انطلق الكل بحذر منحدرين صوب المساكن الصامتة في سكون الليل محاذرين اصدار أي صوت وملتفين بما استطاعوا من قماش اسود او داكن محاولين اخفاء انفسهم في عتمة الليل قدر المستطاع..
كان (جون) يحاول ان لا يبتعد عن (نورا) بغية التماس الحماية منها في أي قتال قريب فهو لا يجيد القتال المباشر مثلها او مثل (سارة) حتى ..
كان يحاول تجاهل التعليقات التي تقول ان عليه لف فخذيه ومؤخرته تحديدا لان بياضها سيشع في عتمة الليل كالقمر ويكشف مكانهم للاعداء ..
دعابات سخيفة لم يلق لها بالا فهو مثلهم يخاطر بحياته الآن ..
لا يدري (جون) تحديدا كم سار من الوقت ..
لكنه ولدهشته وجد انه مع البقية قد التفوا بقوس واسع حول المساكن والخيام الصامتة والتي يبدو ان سكانها يتمتعون بنقاء الضمير لدرجة النوم العميق دون حراسة تذكر ..
و عندما اشرقت الشمس كانوا هناك بعيدا فوق سفوح وقمم الجبال العالية ينظرون الى السهول الممتدة خلفهم بخيامها وبيوتها الساكنة وكأن اهلها لا يستيقظون قبل منتصف النهار او كأنها خالية تماما من السكان او أي نوع من الاحياء حتى ..
و هذه الفكرة تحديدا اثارت شكوكا بنفس (نورا) ..
أي تجمع عسكري او حتى مدني بهذه الضخامة لا يشع من احد منازله ولو نور خفيف كأن من به اعتادوا النوم على العتمة الكاملة وكذلك لا يوجد ولو حارس واحد يتحرك بين المنازل والخيام ليلا ولا حتى مع بزوغ النهار وارتفاع الشمس ؟..
كانت افكارها تتصارع ما بين الشك بولاء ونوايا (يوري) وما بين كلماته عن الثقة به كونه يشاركهم المصير ويقاتل معهم ويقتل من اعدائهم ..
لا شيء يبقى سرا للأبد ..
في لحظة ما ستنجلي الحقيقة بلا شك ..
لكن .. عندها هل سيكون انجلاؤها مفيدا ام انه سيأتي بعد فوات الاوان ؟..
تابع الجميع سيرهم مجددا خلف (يوري) الذي كان يجد السير كأنه يخشى عدوا نائما يمكن ان يستيقظ ويلحق به او انه يريد الوصول الى مكان ما باسرع وقت ممكن لكن سيره كان حذرا ولم يحاول ان يسير بشكل طبيعي بل بقي يتخذ اسلوب التسلل ..
بعد فترة غابت وراء ظهورهم تلك المناطق وبقيت الجبال تكرر نفسها والمسارات لا فرق بينها الا الاتجاه وبعض التفاصيل التافهة ..
كان الشك واليأس والحيرة وحتى الغضب يعشش في نفوس الجميع ..
لكن لا بديل عن الاستمرار في التقدم فلا بديل لديهم في عالم لا يعلمون عنه شيئا ..
بعد فترة وقبيل الغروب وصلت البعثة الى سفح تل مرتفع قليلا يطل على ما يشبه المنخفض المتوسط المكون من سلاسل متصلة من المرتفعات الاثل ارتفاعا ..
على اليمين كانت هناك طرق وتلال واشجار على مد البصر ..
اما على اليسار فكانت تلال شبه جرداء متصلة في وسطها تقريبا ما يشبه المدينة المهجورة والمبنية من حجارة سوداء قاتمة اللون والمنتشرة فوق وما بين التلال ..
لم يكن هناك أي اثر لاي نوع من الاحياء على مد البصر باستثناء النباتات، فلا طوير ولا زواحف ولا حتى أي نوع من الحشرات في كل المنطقة ..
في بقعة منخفضة نسبيا اقاموا مخيمهم واشعلوا النار ونشروا الحرس ..
قال (جون) : وهو ينهض عن قضيب احدهم والمني يسيل من مؤخرته على فخذيه : ارى ان نتفحص تلك الابنية السوداء قبل ان نتجه الى حدائق الشيطان تلك .
ايدته (نورا) في حين لم تستطع (سارة) الاجابة من بين شهقاتها واحد الرجال يضاجعها بحرارة من فرجها ويمتص صدرها الصغير بنهم ..
اما (يوري)فقد قال بخشونة وهو يضاجع احد الفتيان بوضعية الجلوس : هراء .. ستكون مضيعة للوقت ونحن نسابق الزمن للوصول الى الاسرى فقد اهدرنا الكثير جدا من الوقت خاصة في فترة العاصفة كما تعلمون .
قال (جون) وهو يستسلم لاحد الرجال الذي احتضنه من الخلف وراح يدخل قضيبه في شرجه رافعا ملابسه عن مؤخرته : لا زلت ارى ان هناك امرا ما في تلك الاطلال ولا شك انها تحوي سرا ما قد يساعدنا في الامساك بزمام الامور .
راح الكل يناقش الامر ما بين مؤيد ومعارض ومحار بينهما ..
و مع الوقت مالت كفة النقاش لصالح (يوري) كونهم اصلا انطلقوا لانقاذ الاسرى وليس لاستكشاف الاطلال العجيبة تلك والتي يمكن تفحصها في طريق العودة ..
هنا قال (جون) وجسده يهتز مع دخول وخروج القضيب من شرجه : لكني اريد تفحصها فلا زلت اعتقد انها تحوي سرا ما لدرجة ان احدا لا يجرؤ على دخولها او سكنها .
اجابه احد الموجودين : وماذا عن اسلحتك التي في العادة تحسم المعارك ؟ لن نستغني عن وجودك بيننا فأنت تملك ما لا يملكه غيرك من ادوات تحسم المواقف .
قال (جون) والرجل يضمه بقوة مطلقا منيه داخله : لن اطيل البقاء في الاطلال .. سأتفحصها والحق بكم واعتقد ان هذا سيكون بمثابة خط دفاع ثانٍ لكم فيما لو تأزمت الامور ووقعتم في فخ ما مثل سابقيكم .. سأكون انا حرا لاتدارك الموقف .
ثم تمطى والرجل يخرج قضيبه المبتل بالمني من مؤخرته الشهية وقال : كذلك يمكن لـ (نورا) و(سارة) تغطية مكاني اثناء ذلك .
قالت (سارة) وهي تنهض عن قضيب احد الحرس : اجل يمكننا هذا لكن ليس بشكل دائم وليس لأكثر من اسبوعين او ثلاثة فنحن لا ندري ما سنواجه وانت تعلم ان اسلحتنا جميعا تكمل بعضها بعضا في المواجهات التي يحمل فيها اعداؤنا من اسلحة ودفاعات متنوعة تحتاج احيانا لاسلحة يحملها فرد واحد منا وقد لا تجدي البقية معها نفعا .
قال (يوري) وهو يداعب قضيبه بعد ان قذف في شرج الفتى الذي نهض عنه : هذا صحيح .. وايضا منطق (جون) صحيح بشرط ان يعرف ما سيحصل معنا كي لا يقع بدوره في فخ من الفخاخ التي لا تنتهي والتي لا تتشابه ولا يتم استخدامها مرتين كي لا ينذر احد احدا فيما لو نجى من احدها صدفة فتفقد مفعولها .
طال النقاش والتخطيط ما بينهم وهم ما بين جنس وسمر وتناول طعام حتى انتصف الليل وقد اتفقوا على خطة بسيطة بشأن الغد وتهيأوا لها جيدا ..
في الصباح نهضوا نشطين بعد ان ناموا جيدا وقد علت شمس الضحى فنشرت الدفء والامل في اجسادهم ونفوسهم فتناولوا افطارهم ولملموا امتعتهم وهيأوا اسلحتهم وانتظموا في حلقة لكي يستعيدوا مرة اخيرة ما عليهم فعلها ..
لم يطل الامر فبعد قليل انطلقوا في سيرهم بحذر ويقظة فهم قد اقتربوا من الحدائق الشيطانية العجيبة وربما انهم بعد قليل سيكونوا نوعا ما تحت رقابة السكان ..
في مفترق طرق بسيط افترق (جون) عنهم بعد وداع بسيط وانطلق بخفة وحذر صوب الاطلال السوداء التي لا يعرف عنها ادنى امر في حين تابع البقية المسير بقيادة (يوري) الذي راح يستطلع الطرق ويختار اكثرها خفية عن اعين المراقبين ..
من موقعه وهو يتجه صوب الاطلال السوداء شاهد (جون) رفاقه يبتعدون ويختفون بين الصخور والاشجار والتضاريس الوعرة ..
لا مجال للتراجع الآن لذا فقد تقدم بهمة وحذر صوب الاطلال مستترا قدر الامكان عن أي مراقب محتمل رغم قناعته بانها اطلال خاوية ..
لم يكن السير بين الصخور والاشجار والتخفي بنفس الوقت امرا سهلا لكن (جون) ثابر بحرص شديد على السير الجاد والتخفي الحذر جدا دون كلل او ملل ..
العبور الى المجهول يتطلب احيانا المجازفة الحقيقية بالحياة نفسها فالمرء لا يدري ما تخبئ له كل خطوة يخطوها من مخاطر مجهولة قاتلة ..
لذا كان الجميع ينطلقون بحذر بالغ رغم السكون النسبي الذي يشمل المنطقة التي انحدروا اليها والتي تمتد طويلا امامهم ممتلئة بالصخور والاحراش وبعض المستنقعات المتناثرة هنا وهناك تحمل روائح عجيبة وبشكل غامض تخلو من الحشرات والاحياء عموما ..
توغلوا في الادغال متوجسين من حركة الاغصان وحفيف الاشجار ..
الحذر المبالغ فيه افضل من الوقوع في المحظور بلا شك..
عبروا مسارب عجيبة داخل الادغال وبين الصخور والوديان ومجاري الماء الجافة وشبه الجافة قبل ان يصلوا الى بداية مساحات كبيرة من البساتين الرائعة الجمال من الاشجار المثمرة الشهية بكافة انواعها والتي تطير فيها الطيور الجميلة بانواعها وتجري حولها وخلالها الجداول الرقراقة الصافية والتي تحوي اجمل الكائنات البحرية واشهى الاسماك واجمل النباتات البحرية الملونة بشكل اجمل من الخيال ..
و توقف (يوري) على مشارف تلك البساتين الممتدة على مد البصر وقال لهم : ها هنا تبدأ اخطر مرحلة في رحلتنا .. ها هنا بدأ كل شيء في رحلتنا الاولى وها هنا اختفى الجميع ومنهم انا .. مرحبا بكم سادتي في حدائق الشيطان .
سرت رجفة باردة في اجساد اغلب الموجودين وشعر الجميع بقلق غامض وهو يسترجعون في اذهانهم ما رواه لهم (يوري) عندما جاء الى قصر العالم (ديك) في حالة يرثى لها واستذكروا كيف كان وقتها كمن خرج من الجحيم للتو..
لكنهم لم يتراجعوا بل استمروا بالسير خلف (يوري) الذي قال لهم : الافضل ان لا نفترق لكن في نفس الوقت ان لا نكون كتلة واحدة فيتم الايقاع بنا دفعة واحدة .. يجب ان نكون منتبهين لكل شاردة وورادة وفي كل الاتجاهات وحتى فوق رؤوسنا وتحت اقدامنا .. تجهزوا لكل مفاجأة ولا ترتبكوا مهما حدث ومهما رأيتم.
لم ينطق احد بكلمة لكنهم انتشروا بحيث يكون كل اثنين قريبين من بعضهما وبحيث يبعد كل زوج منهم عن الآخرين نحو مترين الى ثلاثة وكان الكل يسير متحفزا منتبها لكل ما يحدث رغم ان كل شيء بقي ساكنا هادئا من حولهم ..
لكن عندما توغلوا في الحدائق وجدوا امامهم مفاجأة هزتهم من الاعماق جميعا رغم حذرهم..
في الجهة الاخرى كان (جون) يعبر المسافة التي تفصله عن الاطلال السوداء بحذر شديد لكن دون ابطاء او تردد فهو يثق في انها اماكن خالية ولا يسكنها الا ربما بعض الهوام او الحيوانات البرية وكذلك كان يثق بقوة اسلحته الصوتية التي اثبتت حتى الآن فاعليتها امام جميع الاحياء بشتى انواعها واحجامها ..
بعد فترة غير كبيرة نسبيا وصل الى بداية تلك الاطلال السوداء المتناثرة التي يبدو انها كانت ذات يوم قلعة مترامية الاطراف حصينة السور لم يبق منها الا هذه المباني شبه المتهدمة ومن سورها بقية بالكاد تعلو فوق الارض ..
يبدو انها تعرضت يوما ما لهجوم كاسح دمرها ..
عبر (جون) الى قرب تلك الاطلال ثم وقف يتأملها قليلا قبل ان يقوم وعبر اسلحته الصوتية باطلاق موجة من النوع الذي يسبب التراخي والنوم لاغلب انواع الاحياء ويسبب الضيق وفرار الانواع الباقية حتى الحشرات بانواعها ..
بعد دقائق اوقف (جون) موجته الصوتية تلك ثم استعد باسلحة صوتية دفاعية خفية قبل ان يواصل تقدمه الحذر صوب تلك الاطلال التي من المفترض انها خالية وانه ان كان بها أي احياء فهي الآن في سبات عميق او غادرتها هربا من الصوت الذي يسبب لها اضطرابا في قنواتها السمعية والحسية وحتى نهاياتها العصبية ..
كان اول ما عبره (جون) هو مدخل بلا باب عبر منه الى ما يشبع البناء الكبير ذو الطابق الواحد لكنه عالي السقف بما يوازي ثلاثة طوابق تقليدية ..
كانت قاعة كبيرة خالية تماما لها عدة ابواب داخليه متفرقة احدها مميز بحجمه وتصميمه وهو كالبقية بلا شيء يغلقه فكل الابواب كأن احدا ما ازال ظرفاتها ..
كان المكان كله منار بضوء النهار الذي يعبر اليه من فتحات السقف الكثيرة والتي يبدو انها نتجت اما عن قصف ما او انهارت مع الزمن ..
عندما عبر (جون) الباب المميز كان حقيقة يتوقع ان يعثر على ابواب اخرى وغرف متهدمة كما هو مفترض في مثل هذه الحالة لكنه وجد نفسه في غرفة مربعة كبيرة سليمة تماما منارة جديا عبر فتحات شمسية ومرايا عاكسة متقنة الصنع ..
و فيما هو يتأمل المكان سمع صوتا مألوفا يقول : انظروا ماذا لدينا هنا .
التفت (جون) بسرعة ليجد امامه مفاجأة لم يتوقعها اطلاقا .
–يتبع–