نوع آخر – الحلقة الخامسة

عدت للبيت وانا تائه ومصدوم من كلام عبيد .. هل هو فعلا قال الحقيقة ؟ هل فعلا هيام مثلما وصفها لي..؟ شرموطة من مستوى متقدم..؟ لقد بدأت احب هيام.. وافكر بها كثيرا.. لقد احببتها منذ ان كنت بالعاشرة فقد وقفتْ معي في محنة فقداني لأمي وراعتني وصارت لي الصاحبة والصديقة والمربيه.. فعوضتني عن حزني على امي.. وبروحها المرحة المليئة بالحياة ادخلتْ علي البهجة والسرور والسعادة.. فلم اكن اتصور بيتنا من غير ان تملأهُ ضحكتها وحيويتها ومزاحها بل حتى عنادها وجنونها في بعض المواقف.. لا ادري ان كان ابي من احبها وتعلق بها بعد ان تزوجها.. ام اني انا من اصابني عشقها وحبها بالجنون..؟

 

: اييييييييييييييييييييييييه… حاااااااسب.. ماتخلي بالك يا اخيييييناااا..فتح عيييينك وانت بتعدي الشااااااااااارع!!!!!

 

جفلتُ فجأة وانا اعبر الشارع الفرعي دون ان انتبه لسائق السكوتر البطيئةُ السرعة الذي كاد ان يصدمني اثناء عبوري الشارع.. والذي لم يكفه استخدام المنبه فصاح بي كذلك لينجح اخيرا في تنبيهي !!!! ولحسن الحظ ايضاً أستطاع الالتفاف حولي متجنباً الأصطدام بي!!

 

اخذني التفكير لعالم آخر فصلني عن واقعي .. وجدتُ نفسي وقد أغبّرت ملابسي وشعري من آثار فرملة اطارات السكوتر الذي سار خاطفا بجنبي..

 

اوشكت الشمس على المغيب وانا عائد للبيت.. لا ادري كم مشيت والي اين ذهبت.. لا اعرف تماما اين اخذتني قدميّ.. منذ خروجي مبكرا صباح اليوم.. لكن في النهاية عدت ادراجي للبيت..

 

فتحتْ لي هيام الباب.. لم تقدر على اخفاء قلقها علي لطول غيابي.. فقالت في لهفة

 

هيام: كنت فيييين!!! شغلتني عليييك.. دا حتى باباك.. بياكل في نفسه من قلقه عليك.. ؟؟ وكمان قافل موبايلك!!!

 

كنت اريد ان اجيب هيام ولكني بقيت انظر لوجهها.. وكيف انسدلتْ خصلة من شعرها على جبينها المشدودةِ طياته هو الآخر لقلقها البالغ علي .. كيف لم انتبه لجمال هيام كل تلك الفترة ؟؟ كيف كنت اصفها بانها مقبولة الشكل؟؟ هيام تحمل في داخلها روحاً.. مخلوقة من الطيبة والمحبة والعطاء بلا مقابل .. ولها قلب يحمل من الحنان والحب ما لا يمكن حسابه.. هي في الاخر انسانة..لها رغباتها وعندها عيوبها.. لكن.. لم استوعب تلك الصورة التي زرعها عم عبيد في رأسي.. لدرجة تمنيتُ ان اقتل هيام الآن ! لأنها شوهتْ كل تلك الذكريات الجميلة التي صَنَعَتْها لي..

 

انتبهتُ مرة اخرى وانا سارح لصوت هيام العالي.. من وسط تلك الافكار المتزاحمة

 

هيام: يا زكيييييي… دانا بكلمك يا حبيبي… مالك.. انت عيان.. انت تسمعني؟؟؟ انت كويس؟؟؟

انا: هااا .. ااااه.. ايوه.. اااه.. انا كويس.. كويس..

كذلك تكلم أبي حسن من غرفته واستطعت سماعه هو الآخر: زكي… هو انت جيت يا ابني.. يا حبيبي.. دنتا قلقتني جدا عليك.. ليه بس كدا يا زكي.. ليييه

 

دخلت البيت وانا مترب والغبار ملاء شعري وثيابي..

 

هيام: لاااا.. الموضوع شكله كبير.. خش ع الحمام انا ححضرهولك فورا.. متخليش ابوك يشوفك كدا.. مش عاوزين نقلقو اكثر و نأثر على صحته.. ماشي..

 

وافقت محركاً رأسي وانا صامت. وذهبتُ للحمام بعد ان اعدته هيام لي.. ولازلت منفصلا عن العالم الخارجي

 

يصاب الانسان احيانا بما يشبه الكوما او الغيبوبه الظاهرية.. حين يصدم بصدمة كبيرة.. ويترجم الجسم تلك الغيبوبة احيانا على شكل فصلان .. او نوم.. فنمت في تلك الليلة.. كطفل هاديء.. لعل في النوم راحة من كل تلك الأفكار..

 

في صباح اليوم التالي.. نهضتُ متاخرا.. جدا.. سقطت اشعة الشمس مباشرة فوق اجفاني..بعد ان فتحت هيام ستائر الشباك.. وهي تبث الحياة حيثما تكون.. وقالت في نبرة مرحة

 

هيام: متقوم امااال يا سي زكي.. بطل دلع انت كبرت عليه.. دي الساعة بقت 12الظهر.. قوم اغسل وشك اتحرك بقى.. انا جهزتلك احلا فطار .. يلا تحرك…بقااااا

 

وهي تسحب من على جسمي الشرشف الخفيف.. لاني لا اعرف ان انام .. الا لو وضعت غطاء على جسمي حتى لو كان الجو لاهبا وحارا..كنت احاول ان اقاوم فِعلَتْها تلك..لكنها عاندت وانتصرتْ في النهاية

 

انا: حااااضر.. حاضر.. اهو.. انا صحيت.. سيبيني بقا.. دنتا مزعجة بشكل!!!

هيام: انا الحق عليا.. عشان خايفة ع مذاكرتك ومستقبلك.. قوم كفاية دلع.. انا بحذرك اهوو..

 

فتحتُ عينيّ بصعوبةٍ اخيرا بعد ان تمكنت هيام من سحب الغطاء.. ورايتها وهي مبتسمه ومرحه وصرتُ انظر لها وهي قريبة من فراشي ووفوق رأسي

 

انا: هو انتِ ليه محلوه كده؟؟ ولا انت حلوه وانا اللي مكنتش شايف حلاوتك؟

هيام: انا حلوة من زمان يا سي زكي.. بس مفيش رجاله عندها نظر، قوم يالا بقه ..

 

استرجعت في ذاكرتي.. الآن.. كثير من تلك المواقف ..كان بعضها بالضبط مثلما حصل اليوم.. لطالما كنا انا وهيام هكذا.. اجواء من المرح والمزاح.. لا يوجد للغم والكآبة مكان هنا..

 

حاولتُ ان اعود لسابق عهدي لكن .. لن استطيع محو كل ما زرعه عبيد بالأمس في راسي..

 

بعد ان انهيت افطاري وحديثي اليومي مع ابي الذي زال قلقه حين رأني استعيد شهيتي للطعام.. فلم يسأل عما حدث لي بالأمس الفضل لهيام.. فهو لم يراني متربا مُغبرا.. واستطاعت هيام بالأمس ان تطمئنه علي بطريقتها..

 

اخذتُ كتبي مجددا وعبثا حاولت ان اذاكر..ثم مرت بي هيام وانا بغرفتي

 

هيام: شوف يازكي.. انا مسألتكش حاجة عن اللي حصلك امبارح.. عشان مقدرة انك كنت تعبان ومحبتش اقلق باباك اكثر.. وقلت يابت سيبي الواد يستريح هو حيروح من اسالتك فين يعني !.. انا وراك وراك.. لحد معرف.. كنت فين وحصلك اييه.. انت تخانقت مع حد ولا ايه؟؟ منظرك وشكلك..بيقولو كده !! فيه حاجه يا زكي ولازم تقولهالي!

 

انا: اهو خلاص يوم وعدا يا هيومه.. احنا ولاد النهار ده.. سيبك بس من امبارح

هيام: لااااا… مش علي انا يا زكي.. انا عارفاك وحافظاك صم… كلام الافلام العربي ده مبيخشش دماغي ها.. يبقى تحكيلي احسنلك لأنكك كده كده عارف اني مش حفكك من اسالتي اليوم كله.. ها.. قلي.. انت اتخانقت؟؟

انا: اتخانقت اييه بس يا هيام ..محصلش الكلام ده..

هيام: امال حصل اييه.. احكي يا واد .. احسنلك

اضطررت لان اخبر هيام بموقف السكوتر وان كل شيء مر بسلام.. وهذا كان سبب طبقة التراب التي غطت ملابسي وشعري.. لكنها بقيت تسال بشكل هستيري عن الأسباب الحقيقية التي اوصلتني لهذا الموقف..

فقررت ان ادخل في مواجهة.. بدون اي تخطيط.. لاني لا اعرف ماهي النتائج القادمة

 

انا: انا رحت لعمك عبيد.. امبارح..

هيام: .. رحت لعمي عبيد؟؟؟ ليه.. ايه المناسبة.. ؟

انا: انا عرفت كل حاجة.. يا هيام..

هيام: عرفت اييه.. ؟؟ هو انت بتتكلم عن اييه بالضبط؟؟

بدات اتحول لنبرة كلام جدية

 

انا: انت كذبتي عليا يا هيام.. قلتيلي حاجات.. مش صح.. انت خبيتي عني حقيقتك المرعبه.. المخيفة.. الوسخه!!!

اظطربت هيام.. وغضبت.. وتماسكت مع نفسها لتقول: قلتلك متقولش عليا كده تاني ..انا مش وسخة .. فاهم..؟

بعدين تعالا هنا.. ايه..حيلك حيلك.. ايييييه الكلام دا.. مرعبه ومخيفه.. هو انت تتكلم عني ولا عن امنا الغولة.. متفسر كلامك يا سي زكي

انا: عمك عبيد قر على كل حاجة.. انتي اللي تحرشت فيه عشان … ينيكك.. وانت اللي اقنعتيه انك تسدديله ديونه بدعارتك.. لانك بتحبيه ومتكسريش كلامه.. ولأنه مش ملاحق عليك بالنيك.. فخلا التجار ينيكوكي قدامه..عشان انت بتحبيه يكون قواد وديوث كمان؟؟ وانتي……

 

صرخت هيام صرخه عاليه.. حتى ان ابي سمعها في غرفته.. فظن انها احدى صراعاتنا المعتاده التي كانت تحدث بيني وبين هيام احيانا فيما مضى

 

أبي حسن: مالك ياهيام.. مالك يا زكي .. استهدوا كده .. وبطلوا خناقات العيال دي انتو كبرتوا عليها.. كفايه

 

بعد ان طمأنا ابي بأن كل شيءعلى مايرام.. كان وجه هيام مُحمرا من الغضب ومحتقنا.. وتريد ان تدافع عن نفسها لكنها اضطرت لتخفيض صوتها: اييييه العك والخلابيص.. دي.. ايييه الكلام الفاااااارغ اللي بسمعه منك..انت سامع نفسك بتقول ايه؟

انا: طبعا.. ماهو لازم يكون ردك متوقع بالشكل ده.. عشان انا غشيم . وابوي كمان غشيم.. وقدرتي تضحكي علينا بسهولة .. لاننا نصدق اي كلام و اي هري بتقوليه وخلاص…

 

انهارت هيام بالبكاء و وضعت يديها على وجهها.. وهي تتمتم كلمات غير مفهومه.. حاولت ألا اصدقها.. ومثلتُ اني غير متأثر ببكائها لكني حقيقةً انفطر قلبي عليها فبكائها كان حقيقيا وصادرمنها بحرقة

 

انا: ايواه .. ابكي.. ابكي .. دي دموع التماسيح انا عارفها..

هيام: كفايه حرام عليك.. انت ايييه معندكش قلب.. مابتحسش…

 

نهضت هيام وهي تكتم بكائها وتمسح دموعها وغادرتْ غرفتي مهرولة.. تاركة اياي غارق في حيرتي و فاتحة علي ابواب جديدة من التساؤلات…لا اعلم اجاباتها.. هل علي ان اصدق كل كلمة قالها عبيد لي؟؟ لابد ان اسمع قصة هيام ايضا.. لابد ان اعطيها حق الدفاع عن نفسها..

ربما ماذكرته لي عن ما يتعلق بعمها.. لم يكن صحيحا.. لأنها حاولت اخفاء حقيقة اكبر و لم تشاء ان اطلع عليها.

مرت عدة ايام على هذا الموقف.. كان البيت صامتا على غير عادته .. وهيام ليست مرحه مثل سابق عهدها.. هناك مرارة في داخلها استطيع الاحساس بها من خلال تصرفاتها وعلامات الاكتتاب التي طغت على وجهها..

تجنبتني كثيرا.. لم تتكلم معي ابدا.. وكانت تخرج من اي مكان اتواجد فيه.. حتى ان ابي لاحظ ذلك .. عندما نجتمع معا على سفرة الطعام في غرفته في الوقت الحالي..لانه لا يقدر على الحراك

 

حسن: مالكو يا لاد.. مالك يا زكي.. مالك يا هيام.. ايه اللي جرالكم.. عمركو ماكنتو كده خالص.. انتوا تخانقتوا جامد؟؟

انا: مفيش حاجه يابا.. متشغلش بالك.. مش كدا يا مرات ابويا؟

قلت ذلك وانا انظر بشكل مباشر في عيون هيام..

هيام: اااه.. طبعا .. مفيش الكلام ده..

حسن: الله يهديكو.. بس..

 

في الأيام التالية باءت كل محاولاتي .. للكلام معها بالفشل..فكرت في الضغط عليها وتذكيرها بالفيديو.. لكنها فاجأتني برد غير متوقع

 

هيام: لو كنت فاكر انك تقدر علي بالطريقه دي يبقى انت غلطان.. انا خلاص.. مفيش حاجة تهمني دلوقت.. رووووح.. روووح وري الفيديو لابوك.. حيحصل ايه.. حترموني برا البيت ؟ .. مش فارقه معايا خلاص.. ومتنساش.. ابوك ها.. وممكن حيحصله اييه لما تعمل ده.. وهو عيان دلوقتي؟

 

انا: بس انا عاوز اعرف كل حاجة..عاوز اعرف ليه خبيتي عليا.. ليه مقلتليش الحقيقة..

هيام: وع اساس انك حتصدقني لو قلتلك؟؟ مانت قفلت مخك خلاص وصدقت اللي يعجبك.. حتصدقني ليه بعد كده

انا: ااااه .. حصدقك.. عشان عاوز اعرف الحقيقة..

هيام: هو انت فاكرني واطية للدرجة دي؟؟؟ هو عشان انا سبتك تنيكني كم مرة ومش برضاي.. ابقه رخيصه كده وواطيه؟؟

انا: وعمك؟؟

هيام: مش يمكن يكون زيك برضو؟؟ وأنا خليته كمان ينيكني و مش برضاي؟؟ مفكرتش انه ده كله ممكن يكون مش بايدي؟؟ وغصبن عني؟

انا: مانتي اللي قلتيلي انك حنينه على عمك.. ورد جميل ومعرفش ايييه.. حعرف منين انه مش برضاكي؟؟ مين يصدق الكلام ده بس؟؟

هيام: مش .. يمكن محبيتش اشوه صورة عمي قدامك.. وجيت على نفسي كمان.. لأنه الانسان اللي رباني ومخالانيش انام في الشوارع عشان اشحت اللقمه مقابل شرفي؟؟

 

صار كلام هيام يلعب بي كما تلعب الامواج بمركب صغير.. في بحر لا قرار له..

 

انا: انا دماغي حتنفجر ياهيام.. رسيني على بر.. ارجوكِ.. متلعبيش بأعصابي اكدر من كدا..

هيام: هو انت بجد عاوز تعرف؟؟ وعاوز تعرف ليه؟؟ انت مش اخذت اللي انت عايزو مني خلاص؟ ايه اللي عاوزو تاني؟

انا: اااه .. يهمني اعرف.. يهمني قوي اعرف كل حاجه؟؟

هيام: ايوه بجد هوانت ليه رحت لعمي عبيد؟

انا: عشان.. اعرف..اعرف منه هو كمان؟؟

هيام: ايوه.. لييييه.. ليييه تعرف ؟

انا: عشان.. عشان..

هيام: عشان ايه بس؟؟

انا: عشان انا بحبك ياهيام..!

هيام: لا والهي.. حبتك العافيه يا سيدي.. متشكرين!

انا: انا مبهزرش.. ياهيام.. انا بحبك بجد!! وبغير عليك كمان جدا..

هيام: ولااااا .. انت شارب حاجه!!

انا: بطلي بقى .. بقولك انا بتكلم جد يا بنتي .. اصوت ولا اكتبهالك بالبنط العريض عشان تفهمي؟؟

 

في هذه اللحظة.. صمتت هيام.. وتخلت عن عنادها وتغيرت هيئتها وجميع ملامحها.. شعرتْ باأنني الآن اتكلم بشكل جدي.. ولكنها مصدومة بما اقول.. تحاول ان تستوعب ما قلته لها.. فقالت

 

هيام: بتحبني؟؟ بتحبني ازاي؟؟

انا: بحبك.. بحبك.. زي ما اي راجل يحب وحدة ست..

هيام: بس… بس انت عارف اني مرات ابوك..صح؟

انا: هو انا نكتك.. ما استغربتيش..! بس لما حبيتك جايه تفكريني انك مرات ابويا؟؟ انتي غريبه جدا!

هيام: قلتلك.. انا.. فيه فرق بين الحب والجنس.. واظن انك تعرف كويس ليه خليتك تنيكني؟ عشان مخربش بيتي..

انا: ايوا .. عارف.. بس ادي هي الحقيقة.. ولأني بحبك.. مستحملتش منظرك مع عمك عبيد..

هيام: طب وتستحمل منظري مع باباك؟

انا: دي حاجه.. ودي حاجه تانيه.. انا وبابا واحد.. اما سي زفت عبيد.. مالوش دعوة خالص بيكي؟؟

ضحكت هيام خارجة عن تزمتها وجديتها.. ضحك خفيف متواصل: ههههه… انت وباباك واحد..هههه.. دانتا تحفه يا زكي..هههه

انا: مالك تضحكي ليه.. انا قلت حاجه غلط!!

هيام: هههه..لاااا.. لااا.. متاخذش في بالك.. !

انا: هو انا حفضل مستنيكي كثير؟ على ما تقوليلي الحقيقة؟؟

هيام: حقيقة اييييه اللي انت عايز تعرفها..؟

انا: انت .. وعمك عبيد.. كل حاجه…أرجوكي!

اخذت هيام نفسا عميقا وصار صدرها يتحرك للاعلى.. انتبهت لجمال صدرها.. ام انني انا من صرت ارى كل شيء فيها جميل.. بسبب الحب؟

بعد لحظات قالت: شوف يا زكي.. الكلام اللي حقولهولك دلوقت.. انت حتكون اول حد يعرفه.. ولازم توعدني انه يكون سر.. سر وتحافظ عليه.. اوعدني!

انا: حوعدك يا هيام.. اوعدك

هيام: بص.. عم عبيد.. كان فعلا حنين معاي وعملي قيمة قصاد مراته اللي مش طايقاني.. بس ده لما لسه كنت صغيره.. واول ما انا كبرت.. كل حاجة تغيرت..اكيد عم عبيد قالك انني كبرت بسرعة وبقيت وحدة ست ..متكامله قبل اواني.. صح؟

انا: اااه.. هو قال كده صح

هيام: بعد كده.. معاملة عمي لي تغيرت .. نظراته تغيرت.. كلامه تغير.. بقه يبص ليه كثير.. ويحسس على جسمي في مناسبة ومن غير مناسبه.. وانا كنت ببلع واسكت واعمل نفسي اني مخدتش بالي

لحد مافي يوم.. كنت لوحدي في البيت.. وخرجوا كلهم مشوار بعيد.. معرفش ازاي عم عبيد رجع لوحده.. طبيعي كان عنده مفتاح الشقة.. وحظي الهباب ساعتها انا كنت في الحمام.. محسيتش بعمي خالص وهو يفتح باب الشقة وبيدخل..

فجأة حسيت بحد يفتح علي باب الحمام.. وكان عمي عبيد وهو عريان خالص.. وكان بيمسك بزبره وهو واقف جامد.. ويضحك ضحكة وحش مفترس.. بيحاول يهجم على فريسته..

انا: ماكنتي قفلتي باب الحمام…

هيام: هو مش قالك انه مديون؟؟ دا ماحلتوش اللضا.. دا باب الحمام بتاع شقته كان قماشه.. وبعدين عملوله كده حاجة زي الخشبه على اساس انها باب يعني..

انا: هو دخل كده ببساطه عريان ومن غير اي مقدمات خالص؟؟

هيام: اااه .. كده.. من غير مقدمات

انا: طب مصوتيش ليييه.. معملتيش حاجه لييه..

هيام: ولو صوت.. فكرك ايه حيحصل بعديها..؟ الناس حتتلم والفضيحة تبقى بجلاجل.. وممكن يتهموني اني انا اللي اغريته.. اكيد مرات عمي مش حتخليني ابات ليلة وحدة بعد كل ده..

انا: يعني.. اييه.. سكتي ؟؟ مكانش ليك رد فعل؟؟

هيام: لا ماسكتش.. حاولت اقوله ياعم عبيد انا زي بنتك.. ميصحش الي تعمله.. انت زي ابويا.. بلاش كده ارجوك..وهو ولا سامع حاجة ولا فارق معاه حاجه.. دا كان بيقلي كلام تاني خالص..

انا: بيقول ايه الحيوان دا..

هيام: بيقولي يخرب بيتك.. ايه الجسم دا وايه الجمال دا.. وانه مش مستحمل خلاص… وانه ميقدرش يبعد تفكيره عني..وانه هو اولى بيه من الغريب…

انا: وبعدين .. حصل ايييه؟

هيام: انا لقيت نفسي بوضع مافيش مفر منه ابدا.. وقلتله مادام انته كدا كدا ناوي تنيكني بالغصب ومش فارق معاك أي حاجه.. يبقى تستر عليه..

وفضلت اترجاه واتوسله..وأقوله. ارجوك مش من قدام.. عشان أقدر اتجوز بعد كده..هو فهمني و قاللي ماشي يابنت زيد.. وشك للحيط.. ونفذت كلامه.. و اغتصبني من ورا..

انا: انت بتتتكلمي جد؟؟؟ هو دا عمك.. ولا كلب بلدي ..لا دا ابن ستين كلب

هيام: هي دي الحقيقة الي مكنتش قادرة اقولها لأي حد..

انا: طب وطريقتك معاه لما انا صورتكو.. مش باين انه بيغصبك على حاجه.. اهو دا اللي شفته بعنيه وسمعته!

هيام: مش عارفه لو كنت حتفهمني لو شرحتلك ..؟؟؟

أنا: قولي .. اشرحي.. انا فاتح مخي عشان افهمك..

هيام: شوف.. وحدة يتيمة ومكسورة زيي.. واول راجل يلمسها هو عمها اقرب الناس ليها..وياخذ منها متعته بالغصب.. لما الوضع ده يتكرر كل يوم تقريبا.. وسنين طويله.. البت دي حتلاقي نفسها متقبلة الواقع ده حتى لو مكانتش راضيه بيه.. فهمتني؟

انا: تقصدي.. انك لقيتي نفسك.. مستمتعه معاه..

هيام: لا.. مش في البدايات.. ابدا.. بس انا كنت مخرجش من البيت ومعرفش حد.. ومفيش راجل قدامي غيره.. والوضع ده استمر فتره طويلة ومفيش بأيدي حاجة اغيرها.. يبقى استسلم للواقع ده وارضا بيه .. مهو كده كده بياخذ متعته مني ويسيبني بعديها لوحدي .. بقيت افكر مع نفسي .. طب مهو راجل برضو.. والست تحتاج راجل .. وظل راجل ولا ظل حيط

انا: يعني اييه.. خلاص.. استسلمتيله كده ببساطه! الواطي النذل.. دا حيوان.. دا .. معرفش اقول عليه اييه عشان اوصفه..

هيام: انا قلتلك الحقيقة.. ومتنساش انت برضو نكتني اول مرة مش برضاي..!!

انا: لا.. لا ياهيام.. انا مش زي عمك الحيوان.. انا كنت معجب بيك وابينلك اعجابي.. وحسيتك معندكيش مانع ابدا.. ولما نكتك.. ملقيتش منك اي مقاومه!

هيام: سيبك من الموضوع دا.. انا تعودت خلاص.. مش لازم اقول لا.. 

انا: طب وحكاية التجار دول ايييه..

هيام: بص.. عمي جبرني كام مرة .. ورحت.. غصبن عني.. بس مش أكيد مش بالشكل اللي وصفهولك عمي عبيد

انا: عبيد الحيوان قال انه مش ملاحق عليكي .. وشهوتك عاليه.. وانه كان بيعمل كده عشانك.. مش بس عشان الديون؟؟؟

هيام: هو قال كداااااااما راجل ضلالي وبجح صحيح.. وانت تلاقيك صدقت على طول؟ مش كدا؟؟

انا: هاااا.. ماعرفش.. اصدق مين الصراحه؟

هيام: اخص عليك يا زكي.. بقا ادي اخرة العشرة الحلوة الي بيننا .. بتصدق واحد زي عبيد؟؟ وتكذبني؟؟

انا: ياهيام.. اخر مرة نكتك فيها.. كان عندك خبرة .. معرفش جبتيها منين.. خبرة وحدة ست.. تعرف رجالة كثير..

غضبت هيام وتلون وجهها وسيطرت على مخارج حروفها وقالت: .. الهم طولك ياروح.. يا حبيبي يا زكي.. انا.. لما كنت مع عمي.. وتقبلت وضعي معاه.. كان بيخليني اتفرج معاه افلام ع النت.. ويقوللي اجربها معاه.. وكده بعد المدة دي كلها بقت عندي خبرة..

انا: يعني انت كنتي بجد بنت بنوت لما ابويا تجوزك…مفيش حوار الصيني اللي قاله عم عبيد عنك؟؟

ضحكت هيام مجددا: هههه.. انت على نياتك قوي يا زكي .. طب روح اكتب ع النت.. امته تقدر البنت تحط الصيني؟ انا حقولك وانت تأكد من كلامي بعدين لو حبيت.. لما تكون البنت غلطت مرة او مرتين.. مش لما تشتغل مومس وكل يوم مع راجل.. دا شيء ميخشش الدماغ..

بصراحة صارت اقوال هيام كلها منطقية لي.. وبدأت اصدق كلامها..لكن لماذا يكذب عبيد على بنت اخيه؟؟

انا:. طب عمك عبيد.. ليه عمل كده.. ليه كذب علي..

هيام: عم عبيد ظلالي ومفتري.. ويمكن محبش اني اتجوز ابوك اصلا.. ومستعد يعمل كل حاجه عشان ارجع لبيته تاني.. يمكن لما يخليك تصدق كلامه.. انت حتكرهني وتفكر تبعدني عن ابوك.. وتحصل مشاكل.. صح؟

انا: اااه .. صح.. دانا كرهتك بشكل.. وحتى فكرت اني أقتلك 

ابتسمت هيام بشكل يوحي انها لم تصدق ماقلته لها توا فقالت: اخص عليك يا زكي… هو انت بجد فكرت تعمل كده !!؟؟؟

انا: اهو ساعة شيطان وكنت زعلان جدا منك.. عشان افتكرتك زي ماقال عم عبيد عنك..

هيام: وانت .. قلبك بيقولك دلوقت ايه.. اني بكذب.. ولا بقول الحقيقة؟؟

انا: قلبي..؟ انتي لو فتحتي قلبي.. حتلاقي هيام فيه.. قلبي مستحيل يشك فيكي.. بس الشيطان عبيد كان شاطر ولخبط دماغي..

ابتسمت هيام.. قليلا.. كان الجملة الاخيرة التي قلتها .. لها تأثير عليها..

هيام: ايه .. انت قلت ايه؟؟

انا: قلت ايه؟ ماقلتش حاجة.. قولت الشيطان عبيد…

هيام: لا.. مش دي.. اللي قبلها..

انا: اااه.. قلت انك لو فتحتي قلبي حتلاقي هيا….

هيام: بس.. سمعتها خلاص..

انا: مالك.. انت تضحكي؟؟ انا قلت حاجه تضحكك؟؟

هيام: هو انت بجد تحبني يا زكي..؟

انا: احلفلك باييييه.. ورحمة أمي الي عمري محلفت بروحها كذب.. انا بحبك..

هيام: طب هو الي يحب حد.. يزعله ويأذيه؟؟

انا: انا اذيتك.. انا؟

هيام: انت حتعمل نفسك مش فاهمني؟؟

انا: خلاص ..خلاص فهمتك.. انا آسف يا هيام .. آسف .. وحقك عليه وارجوك تسامحيني..عشان مفكرتش غير في نفسي.. واخذت منك حاجه مش برضاك..

هيام: ايوا خليك كده راجل جدع واعترف بغلطتك.. انا بحب الراجل المسؤول الجدع الي يحمي الست ويخليها في عنيه عشان تحبه هي كمان.. مش بس يفكر في نفسه!

انا: يعني افهم انه لسه في امل انك تحبيني ؟

ردت هيام بقليل من الدلع وهي مبتسمة

هيام: هو.. ممكن.. بس..!!

فقلت بحماس شديد وفرح: بجد .. يعني حتديني فرصة.. انت بتتكلمي جد يا هيومه؟

هيام بشيء من الغرور: انا قلت..ممكن.. بس مش اكيد.. دا حايعتمد عليك وعلى تصرفاتك معاي في الايام الجاية.. ولو حتبقى راجل ذوق وحنين وجدع معايا دايما..او لو تعك زي ماعكيت قبل كده

انا: انا مش حعمل كده ثاني خلاص.. لاني مبحبش ااذيكي ولا اخذ حاجه منك غصب.. لأني بحبك.. بحبك قوي..

هيام: انت كبرت في عيني جدا يا زكي .. وانا حديلك فرصة تثبت نفسك ليه وتثبت ان مشاعرك حقيقية وتخليني احس بيها.. وانا من النهارده حعتمد عليك .. يا زكي يا سندي.. ما أنت من زمان كنت سندي يا زكي ولا نسيت؟

انا: انسى ازاي.. دانا سندك وحبيبك وراجلك وتحت امرك وطوعك وححميكي بعنيا.. دا انا افديك بروحي

 

ابتسمت هيام وارتاحت لكلامي الذي جعلها مطمئنة .. لأني عرفت الآن فقط.. ان هيام لم تلتق بالرجل الذي يحبها لذاتها ويوهبها مشاعره..لقد تعودتْ ان لا ترفض رجلا.. لا لانها تحب ذلك.. بل لان لا خيار لديها..فصارت قليلة الحيلة وخالية من المشاعر ولا تستطيع ان تعترض على ذلك.. ولو وجدت من يحبها حقا .. لنفسها.. فانا متاكد ان كل شيء سيتغير فيها نحو الأحسن..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!