( الاسماء و الاماكن و الاحداث من خيال الكاتب )
قبل مئات و مئات من السنين كان الراهب (بيرسيا ) يسافر من اعماق بلاد العابيرو متجها صوب بلاد الشمال في رحلته السنوية التي يخرج فيها لفترة قد تمتد اياما و قد تطول شهورا يقوم خلالها بجمع الاعشاب الطبية و معرفة كل جديد من اخبار الناس و الاحداث و مطالعة كل جديد في البلاد البعيدة بهدف المعرفة و التزود بالمهارات التي يجيد الكثير منها ..
عشرون عاما من اعوامه الاربعين قضاها في هذا الامر ..
الكل يعرفه و يحترمه في كل بلد يصل اليها لعلمه الغزير و حكمته الكبيرة و معرفته بتواريخ الشعوب و عاداتها و لان الكل يعتبرونه قديسا من نوع ما رغم انه اصغر بكثير من عشرات الكهنة و رجال الدين ..
لقد فاق اغلب معاصريه من اهل العلم لكثرة اسفاره و اهتمامه بالعلم خاصة بحثه عن مخطوطات الغابرين و ترجمتها و معرفة ما بها ..
في هذه الرحلة كان يعبر على حصانه طرقا مختصرة دله عليها تاجر يوناني مر بدياره صدفة قبل بضعة اسابيع خلت و حدثه عنها اثناء حديثه عن اسفاره في هذه البقاع ..
ما اثار فضوله هو حديث التاجر اليوناني عن الارض الملعونة التي مر قربها و التي حذره جميع ادلة القوافل من الاقتراب منها و قالوا له انها ارض كانت لقوم جبارين ذوو علوم و ثروات فاقت الخيال ، لكن الرب دمرهم لانهم اهل خطيئة و قد تمردوا على سكان السماء بل و حاولوا غزوهم بسحرهم و علمهم الاسود ..
خرافات حمقاء ..
لا يصدق هذا الكلام السخيف عن ارض ملعونة و قوم غابرين ..
اذن ليمض في طريقه و ان مر بقرب تلك الديار فلربما عرف عنها ما يجهله الجهلة من مصدقي الخرافات و مروجيها ..
****************
رآه من بعيد واقفا على حصانه الاسود فوق تلة صغيرة بجانب الطريق ..
فارسا انيقا يبدو عليه الوقار و الثراء و يبدو في منتصف او اواخر العشرينات ..
كان يبدو كأنه ينتظر احدا ما او انه يستريح من وعثاء السفر رغم ان لا هذا ولا هذا يبدو عليه ابدا بل كان يبدو كتمثال جرانيتي حي لا يأتي بحركة ..
و عندما وصل اليه تقريبا تحرك و نزل بحصانه الفاخر التجهيز الى الطريق بتؤدة حتى التقى به فتوقف كلاهما قليلا بصمت قبل ان يقول الغريب دون تحية : ما الذي اتى بك الى هذه القفار ايها الموقر ؟
صمت الراهب (بيرسيا ) متفاجئا ..
لم يصادف حتى الآن احدا خاطبه من اول مرة بلغته و بدون مقدمات مثل هذا .
و قال بتشكك : دلني بعض التجار على هذه الطريق المختصرة التي توصل الى بلاد الشمال ولا تستغرق الوقت الطويل .
نظر اليه الفارس بتمعن ثم قال : انا متجه الى هناك .. سأرافقك ان لم يكن لديك مانع .
قال الرهب بتردد خفيف : على الرحب و السعة .
قال الرجل : لن تندم على مرافقتي ان استمعت لنصائحي فانا اعرف المكان اكثر منك .
سارا على الدرب فترة طويلة حتى قارب الوقت قبل الغروب عندما وصلا الى مفترق طرق و كان الطريق الايمن يبدو وعرا بعض الشيء لكنه سالك متسع و الآخر يشبه طريقا كان مرصوفا يوما كمداخل المدن و يبدو اسهل للعبور و على مسافة خمسين مترا منه لوحة حجرية منقوشة بكتابة ما .
و هم الراهب بعبور الطريق الاسهل المرصوفة و الواسعة لكن الرجل استوقفه و قال له بصوت هادئ : الا تدري ما هذه الطريق ايها الموقر ؟
نظر اليه الراهب قائلا : مجرد طريق سهل .
تابع الفارس قائلا : انه مدخل الى الارض الملعونة .. ارض الخطيئة .. انها ارض (سادوم).
قال الراهب : و ماذا في هذا؟
قال الفارس : ان عبرت ارضهم ستصيبك لعنتهم و تصبح مثلهم .
قال الراهب بحزم : لا اؤمن بلعنات حمقاء كالتي تتحدث عنها .. وان لا يمكن ان اصير مثلهم فانا عالم كبير و علمي يمنع عني الانحراف و الشذوذ .. انا معصوم عن الخطايا .
قال الفارس : انت بشر .. و ستجد نفسك منساقا الى امور ترفضها الان .. لكن وقتها ..
قاطعه الكاهن قائلا : انا لا انساق وراء الخطيئة ابدا .. انا ادرى بنفسي منك با سيدي .
ابتسم الفارس ابتسامة صفراء و اشار للمدخل قائلا : فامض اذن في دربك.
لوى الراهب عنان حصانه بحدة و انطلق عبر الدرب الممهد دون ان ينظر للخلف.
و اقترب من اللوحة المكتوبة بلغة مألوفة على حجر جرانيتي اسود .
لكنه لم يحاول مطالعة ما بها بل استمر عابرا الطريق الممتد امامه دون تردد ..
و اقبل الغروب قبل ان يصل الى حدائق خفيفة الشجر و الثمر و على مسافة منها منازل تبدو نصف سليمة لكن لا نور بها و لا حركة حولها ولا أي صوت من أي نوع ..
و شعر الراهب بالقلق و نوع من الندم لأنه ترك صحبة الفارس و لم يستمع له .. فالوقت يكاد يكون ليلا بلا ضوء مع آخر انفاس الغروب ولا مجال للعودة وهو لا يأمن المكان من المفترسات او الافاعي او الحشرات السامة ..
و فيما هو في حيرته اندفع شخص ما من وراء احد المنازل المهجورة يجري من اليسار نحو اليمين كغزال يطارده وحش ..
و انطلق الراهب خلفه ينادي بلغته : انتظر .. انتظر لا تخف .. بحق الرب انتظر .
ولان الراهب يمتطي حصانا و الغريب يجري على قدميه لذا فقد لحق به سريعا..
و عندما احس الاخر الملتف بقماشة كبيرة بالحصان قريبا التجأ الى حائط قريب و اسند ظهره اليه و وقف يرتجف ..
و توقف الراهب قربه و سأله : من انت ؟ ولم تجري بخوف هكذا؟
اجاب الغريب بصوت لا يعرف هل هو لفتى ام فتاة : لا .. اتركني .. جسدي لا يحتمل المزيد .. ارجوك .. انا لا زلت فتيا .
قال الراهب باستغراب : عم تتحدث او تتحدثين ؟
و قبل ان يتلقى الجواب سمع من بعيد صوت جلبة قوية فقال الغريب : ارجوك انقذني.
قال الراهب : سأفعل لكني غريب عن المكان ولا اعرف فيه مكانا آمنا .
قال الغريب: اجعلني اركب امامك و سأرشدك لكن اسرع والا قتلونا معا.
و سرعان ما ركب الغريب الذي لا يزال يغطي رأسه و كامل جسدى بالرداء السابغ امام الراهب الذي احس بجسد لدن طري جدا يلامس حضنه ..
لكنه زجر نفسه عن التفكير هذا فهو راهي وقور ..
و بسرعة انطلق و الغريب يرشده حتى عم الظلام تقريبا قبل ان يصلا الى بيت كبير عبرا ساحته و منها الى اسطبل عبراه الى باب سري يفضي الى غرفة كبيرة ..
هناك نزل الغريب و اغلق الباب باحكام و قال للراهب : اتبعني انت و حصانك .
و سارا من غرفة لغرفة و الغريب يوصد الابواب حتى وصلا لغرفة كبيرة ربطا بها الحصان امام طعام و ماء وفيران و عبر الغريب الى باب جانبي اوصلهما الى غرفة انيقة منارة جيدا لا احد بها لكنها نظيفة جدا .
و قال الراهب : ان كنا في امان فقص علي ما يحدث هنا و من انت ؟ فتى ام فتاة انت؟
قال الغريب بضعف : بل فتى من اهل هذه المدينة .. لكني الآن بحاجة الى علاج ان كنت طبيبا و اثناء علاجي سأروي لك ما قصتي .. فهل انت من اهل الطب و العلم ام مجرد مسافر ؟
قال الراهب : انا عالم و من علومي الطب فما علتك؟
قال الفتي بارهاق اكبر : لقد تعرضت للاغتصاب من طرف رجال ضخام الجثث و شرجي اظنه ممزق بحاجة ماسة للعلاج .. حتى فمي ادخلوا فيه اعضائهم و لا زلت اشعر بالالم فيه.. اظنني ساموت قريبا ان لم يعالجني طبيب ما .. استطعت الفرار منهم و الخروج للشوارع و انا الف نفسي بملائة السرير الذي ضاجعوني عليه.
تردد الراهب لكن انين الفتى جعله يقول : حسنا .. ساعالجك .. ساحضر ادواتي و انت ارني جرحك و استلق على السرير ريثما ارجع حالا .
و سرعان ما خرج الراهب مسرعا الى حيث حصانه و اخذ ادواته و عاد مسرعا للغرفة ..
و ما ان عبرها حتى تسمر مكانه ..
كان الغريب قد اسقط عباءته فبان جسده العاري الخالي من الشعر تماما ابيض البشرة ناعمها بشعر اشقر كالحرير و وجه هو الجمال ذاته بعيون خضراء ساحرة و افخاذ ملساء مرسومة رسما بنعومة و امتلاء اقرب للطول دون سمنة و مؤخرة مستديرة بارزة شهية بدون سمنة او ضخامة و كان يسير نحو السرير فتتحرك صعودا و هبوطا بطريقة تغري الشيطان نفسه ..
جسم اهيف يفوق جسد اشهى فتاة في العالم ..
و تسمر الراهب من المنظر و الفتى يتمدد على السري على بطنه منتظرا العلاج ..
-يتبع -