أرض الخطيئة | الجزء الثّاني – الحلقة السّابعة

حول طاولة مستديرة تم اخلاء جزء منها التف من في المعمل ومعهم رجل رث الهيئة متين البنيان تبدو عليه آثار الاعياء بلحيته النامية وشعره الاشعث وعيونه الزائغة ، وكان الرجل يحتسي سائلا ما من آنية معدنية وبعض السائل يسيل فوق لحيته وهو يتناول المشوب بنهم وتوتر كتائه في الصحراء وجد الماء البارد الزلال ..

كان الجميع بما فيهم العالم ينظرون اليه باهتمام ونوع من الدهشة كأنه قادم من المريخ او من اعماق الارض ..

لم يهتم احد بسؤال (جون) عن غيابه وهو يتخذ مجلسه معهم حول الطاولة ..

ترى من هذا الذي تجمع هيئته بين الهيبة والتشرد ؟..

لم يلتفت احد الى(جون) وهم منشغلون بالنظر الى الرجل كأنهم ينتظرون ما سينطق به او ما سيقوم بفعله ..

من هذا الذي خرج من اعماق الكهوف وحُفر الطين وجلس في المعمل المقدس لجد (سارة) ويشرب الشراب كاسفنجة خرقاء فينزل منه على لحيته وملابسه اكثر مما يصب في حلقه الذي على ما يبدو انه جاف كصحراء العرب ؟..

لا شك ان الكل لديهم نفس الاسئلة وينتظرون فراغ هذا الثور من شرابه ليتحدث او انهم يعرفونه وايضا ينتظرون تمالكه لنفسه ليجيب عن اسئلتهم وهذا الارجح بدليل انه اتى الى المعمل مباشرة او انهم هم من التقطه من الخارج الى المعمل وليس الى غرفة ما او حتى صالة الضيوف وهذا يوحي لـ (جون) بفكرة مجنونة عن شخصيته وصلة الجميع به .. من يدري ..

لكنه بقي صامتا منتظرا تطور الاحداث ..

ان لهذا الغريب لشأنا يفوق كثيرا منظره الرث وملامحه المجنونة ..

كان العالم هو اول من كسر حاجز الصمت فقال بصوت خافت : اهدأ يا (يوري) … اهدأ وارح ذهنك وبدنك قليلا واخبرني بكل التفاصيل الممكنة .

بقي الرجل يعب من الشراب بعيون زائغة كأنه لم يسمعه ، فقال احد مساعديه كأنه يحدث شخصا في مكان آخر : لا شك انه لن يفيدنا بشيء الآن .. دعوه يأخذ قسطا من النوم وعندما يصفو ذهنه يمكننا معرف كل شيء منه .

قال العالم بضيق : سيقتلني الفضول حتى يفعل .. لكن لا بأس .. خذوه الى غرفة مناسبة واصلحوا له شأنه ودعوه يستحم ويأكل ويغير ملابسه .. وفي الصباح اريده هنا في المعمل مع اول نسمات الفجر .. لا اظن انني سأقدر على النوم اطلاقا قبل ان اسمع ما لديه بلا نقصان .

و مال على مساعده الاكبر وقال : اياكم ان تغفل عيونكم عنه للحظة .. لا اريد ان يتواصل معه احد ابدا ولا ان يصل اليه احد مهما كان شأنه عداي .. ايضا لا اريد ان يغادرنا مرة اخرى مهما كان السبب .

نهض اثنان من المساعدين واخذ كل واحد منهما بذراع من اذرع الرجل وانهضاه من مقعده وهو لا يزال متشبثا بكوب الشراب الضخم المتخم بالعصير او الخمر ربما وبالكاد يقف على قدمية ..

و سرعان ما خرجا به واغلقا الباب خلفهما في حين بقي (جون) والعالم وشقيق (سارة) جلوسا حول المائدة بصمت طال اكثر من اللازم ..

كان العالم غارقا بالتفكير لدرجة الشرود وصامتا كمِدخَنة عجوز ..

اما الفتيان الجميلان فقد بقيا صامتين يراقبان العالم في شروده ..

ثم لم يطق (جون) صبرا فسأل العالم بفضول : من هو (يوري) هذا يا سيدي؟

رفع العالم نظره اليه بسرعة وهو مقطب حاجبيه ناظرا اليه بصمت حتى ظن (جون) ان العالم سيصفعه او يخنقه بكلتا يديه ..

لكن العالم كان يفكر بأمر آخر يخص الجبال الجرداء و(جون) ..

القدر يخدمه حتى الآن كصديق طفولة مخلص ..

و تنهد العالم ثم قال : لهذا قصة يا (جون) ارجو ان تظل سرا بيننا .

و نظر الى (جاك) وقال بلهجة آمرة : تفقد (سارة) ووالدتك .

ادرك (جون) و(جاك) ان العالم الجد يريد الانفراد بالحديث الى (جون) بأمور لا يريد لأحد ان يعرفها غيره لذا نهض بتبرم وتثاقل وغادر المعمل واغلق الباب خلفه في حين نهض العالم الى ركن المعمل قرب الباب وشد ذراعا لم ينتبه لها (جون) من قبل ويبدو انها تتصل بالباب بشكل ما ..

و عاد العالم وجلس على المقعد المجاور لمقعد (جون) وقال : اسمع يا (جون) .. ما ساقوله لك يجب ان لا يعلم به احد حتى ممن يعملون معي .

ثم وضع يده على فخذ(جون) كما فعل من قبل وتابع : المعمل الآن معزول بحجة اجراء تجربة خطرة ولن يسمع احد ما نقول ولن يقدر احد على الدخول قبل ان افتح انا الباب لكن الوقت ضيق فاستمع الي جيدا فانت من سأعتمد عليه لاحقا في هذا الامر لذا يجب ان تنصت جيدا ..

كان العالم يتحدث وهو يحرك انامله فوق لحم فخذ (جون) الناعم الطري دون ان يعترض (جون) , ربما لأن (جون) لا يريد فقدان مصدر تحقيق حلمه او ربما لأنه لا يفكر ان هذه الحركة لها معنى جنسي او ربما كان مستمتعا بالشعور الذي ينتج عن هذه الحركة التي يفعلها الكثير من الناس عندما يتحدث الكبار مع الصغار احيانا دون قصد او ربما عن قصد .. لكنه لم يعترض ..

لذا تجاهل الامر واستمع للعالم وهو يقول : قبل سنوات طويلة كان والد (سارة) وهو ابني كما اخبرتك (سارة) الثرثارة بلا شك من انجب تلاميذي وكان له مجموعة اصدقاء من محبي العلوم خاصة الغامضة منها ومنهم (يوري) هذا .. وكان هو شغوفا للغاية بالعلوم الغريبة والغير طبيعية ومولع بكشف اسرار الكون الغامضة ويحب تتبع الاساطير والبحث في مصادرها وتحليل مجرياتها .. وذات يوم ولا ادري كيف عثر على مخطوطة مكتوبة بلغة قديمة وكان هو من هواة اللغات القديمة والنبش في حماقات الاقدمين .. كانت المخطوطة تتحدث بإسهاب وبما يشبه الزجل او الشعر البدائي عن قرن الشيطان النافخ الذي ينفخ فيه الجني فيسحر كل من يسمعه ويجعله خادما لديه للابد .. كنت احاول اقناعه ان هذه مجرد ميثولوجيا قديمة وانها مجرد سرد للتسلية مثلما نفعل اليوم عندما نقص قصصا خيالية لغيرنا او لاطفالنا بهدف التسلية والاثارة ليس الا .. لكنه كان مقتنعا ان الامر به شيء من الحقيقة وقد استطاع اقناع اصدقائه الاغبياء بالذهاب معه للبحث في تلك الجبال الملعونة .. (يوري) كان احد اصدقاء ولدي لكنه كان في نفس الوقت مساعدا لي وحارسا قويا فهو من اصول قوقازية عريقة وبيئة مقاتلة ولم يكن ينقصه لا الذكاء ولا شغف العلم .

و راح العالم بحذر ونعومة يحرك كفه فوق فخذ (جون) بشكل اكبر وهو يتابع : وعندما عثر ابني على تلك المخطوطة اللعينة كان (يوري) يشتعل حماسا كالمجنون حتى انه قام بجمع اغراضه واتم استعداداته للسفر قبل ان يمضي نهار على الكشف .. الشغف الشديد لدى (يوري) كان احد اهم الاسباب التي دفعت ابني لتنظيم تلك الرحلة المشؤومة للبحث في جبال الشيطان تلك بحثا عن المزيد من التفاصيل والدلائل وأي شيء يفسر المخطوطة ويضيف عليها .. كانوا يطاردون احلاما لا اكثر .. او ربما كنت انا مخطئا وكان الامر حقيقيا .. في العلم لا شيء مستحيل حتى لو كان مستحيلا .. لكني انا شخصيا لم اكن واثقا من صحة الامر واتأرجح ما بين الشك واليقين .

و ضغط بانامله على لحم فخذ(جون) الناعمة وهو يقول متابعا : لكن حماسة الشباب والفضول الشديد تغلبا على الفريق الفتي فانطلقوا الى الجبال الملعونة تلك .. ولم يعد احد منهم بعدها ولم يسمع بهم احد ولا عرف مخلوق اين ذهبوا ولا اين اختفوا ولا ماذا رأوا رغم حملات البحث وقتها .

كانت يد العالم قد بدأت ببطء تجوس فوق فخذ (جون) الذي لم يحرك ساكنا وان بدأ يشعر بشعور لذيذ تماما كشعور من يجد من يحك له ظهره او يدلك له جسده وهو متعب او هو شعور طبيعي في هذه الحالة ..

او لربما هو شعور مرافق لرغبته بالجلوس في حضن فحل يشبع رغبته الدفينة والتي لم تظهر عليه ويسيطر عليها بشكل كامل ..

ربما ..

بكل الاحوال سمح للعالم بالاستمرار بالتحسيس على فخذه الاشهى من فخذ بنت مراهقة جميلة وانعم من الحرير الصيني الاصلي ..

ربما هو احترام العالم او رغبته الدفينة او عدم اهتمام او كلها معا ..

لذا كان كل همه الانصات الى قصة (يوري) وفريقه حتى لو ضاجعه العالم وليس فقط تحسس فخذه المكشوفة من تحت ثوبه القصير ذاك ..

و تابع العالم : اليوم وفجأة وجدنا (يوري) يقتحم القصر كأن الشياطين تلاحقه .. شعره طال وثيابه رثة ممزقة ويبدو شديد الجوع والعطش والتعب والخوف .. لا شك انه ربما فر من اسر جماعة ما او ربما كل هذا كونه اتى من مكان بعيد ربما ما وراء الجبال تلك بمسافات كبيرة .. عندما يهدأ سنستمع منه لكل التفاصيل .

سأله (جون) باهتمام : هل يمكنني الاستماع لقصته معك يا سيدي؟

شجع العالم عدم اعتراض (جون) على التحسيس على فخذيه فصار التحسيس على فخذ (جون) اكثر جرأة حتى كاد ان يصل مؤخرته وهو يقول بحماسة : بالتأكيد .. بل يجب ذلك يا (جون) وسأضمنه لك .

و ابتلع ريقه ليخفي انفعالاته التي سببها ملمس فخذ (جون) الشهية وتابع : انت بالذات يجب ان تحضر اللقاء .. انت تسعى الى حلمك .. وحلمك هناك في الجبل او ما خلفه .. لكنك لن تضيع مثلهم لسببين .. الاول انك ستذهب مستعدا وبإشرافي ومزودا بآلات وادوات تحميك وتمكنك من دحر الاخطار والكثير من الامور .. والثاني انك ستعرف من كلام (يوري) ما حصل معهم وكيف نجى وكل التفاصيل الاخرى مما يمكنك من تلافي الفشل وحسب كلامه سأرسم معك خطة العمل بحيث تحقق ما تريد دون ان تقع فيما وقعوا فيه .

و تسللت يد العالم بحذر مدروس عبر فخذ(جون) الى قرب مؤخرته وهو يقول : انت الآن امام فرصة عمرك لتحقق احلامك ولتحصل على العلم والسيطرة والقوة التي تجعلك ملكا على كل من حولك شاءوا ام ابوا ولكن هذا يحتاج منك الى اتباع تعليماتي كلها بدقة مهما كانت .

صمت (جون) وهو يحس بشعور لذيذ مع انامل العالم التي تداعب فخذه بل لقد احس ببوادر شهوة جنسية وانامل العالم تقترب من مؤخرته الناعمة..

يدرك ان فخذاه المكشوفان مثيران لكنه يعتبر انها كونها افخاذ ذكر يجب ان لا تثير شهوة احد تماما كما يرتدي بعض الاولاد الشورتات مثلا ..

لكن في زاوية ما من عقلة يدرك ان الفخذ لدى الفتى او الفتاة مصدر اثارة جنسية خاصة ان كانت ناعمة لا شعر عليها وبشرتها صافية ..

لكن قبل ان تلامس انامل العالم بداية فلقة مؤخرة (جون) المستسلم تعالت صوت دقات مسرعة مرتبكة على باب المعمل فتكدر العالم وهو يرفع يده بسرعة عن فخذ (جون) كأن احدا ضبطه متلبسا بالتحسيس عليها وقال لجون بضيق واضح : يبدو ان هناك امرا ما …امر لا يحتمل التأجيل.

ثم نهض وانحنى يهمس بأذن الفتى : سنكمل حديثنا لاحقا .

و بلا سبب قبله على خده قرب فمه واعتدل مبتسما لـ (جون) الذي ابتسم بدوره لا يدري لماذا في حين اتجه العالم نحو الباب وشد الذراع وفتح الباب للطارق .

كان (جاك) الذي قال مرتبكا : اعتذر على مقاطعتك يا جدي .. اقصد يا سيدي.

قال العالم بصرامة جافة : ماذا هناك ؟

قال (جاك) : امي بحالة هستيرية و(سارة) تحزم امتعتها للمغادرة .

صاح العالم بدهشة : ماذا؟ .. ولم كل هذا ؟

قال (جاك) منهارا : لقد عرفن بعودة العم (يوري) رفيق ابي وحاولن الوصول اليه لكن الحرس الذي امرتهم بحمايته ومنع الدخول اليه منعوهن فثارت ثائرتهن .. امي راحت تصرخ تارة مهددة وتارة متوسلة اليهم ان يدعوها تدخل فالعم (يوري) يعلم ما حصل مع ابي .. اما (سارة) فهي تصر على اللحاق بالبعثة القديمة للبحث عن ابي فهي تقول انه ما دام العم (يوري) قد عاد حيا فهناك امل ان يكون البقية تائهون في مكان ما او بحاجة لمساعدة وهي ستنطلق للبحث عنهم ومن ضمنهم ابي ولن تعود قبل ان تجدهم جميعا حتى لو هلك في سبيل ذلك .

صرخ العالم به مستنكرا : أي هراء هذا ؟ اذهب للحرس وقل لهم ان لا احد يغادر القصر مهما كان السبب دون اخذ اذن مباشر مني وان يتحفظوا على امك وشقيقتك حتى اصل اليهما .. هيا انطلق وسألحق بك .

انطلق (جاك) مسرعا في حين عاد العالم الى حيث يجلس (جون) ونزل بكفيه على فخذيه وشد عليهما برفق وهو يقول بهمس مبتسما : سنكمل حديثنا بعد ان نحل هذه المشكلة يا مساعدي المميز وسنتفق على الكثير من الامور .

قال عبارته الاخيرة وهو يغمز لـ (جون) الذي بقي صامتا لكنه هز رأسه موافقا ..

لا شك ان العالم سيوليه المزيد من الاهتمام وبالتالي سيحصل منه على المزيد من الاسرار والعلوم والادوات وسيحصل بالتالي على مراده ويحقق حلمه الذي كرس له حياته نفسها ..

سيحققه مهما كان الثمن ..

ولو كان الثمن احتمال هذه التحرشات الناعمة والممتعة ..

فرغم ان (جون) يحلم بأن يجلس في حضن فحل يوما ما لكن ليس هذا العالم الذي يحترمه ويعتبره قدوة له وكذلك هو لا يفكر بالجلوس في كل حضن مثلا بل في حضن شخص بمواصفات خيالية قد لا توجد الا في خياله فقط ..

لذا لم يعترض على كفي العالم التي جاست فخذيه من ركبتيه حتى بداية مؤخرته مرتين قبل ان يقبله مرة اخري قبلة نصفها على فمه والنصف على خده الايمن احس بها (جون) بشهوة العالم له ..

ثم نهض العالم عن فخذي (جون) وتنحنح ثم قال : هيا نرى ما يحدث هناك .

و اتجه صوب الباب فنهض (جون) ولحق به ..

ترى هل ثوبه الذي يغري العالم ام كونه جميلا ام كلاهما ؟..

لا يجد في نفسه رفضا للعالم من منطلق انه استاذه ويحترمه ويطمع في علومه واجهزته رغم انه لم وربما لن يفكر به جنسيا ..

بكل الاحوال سينتظر (جون) تطور الامور وعلى اساسها يتصرف ..

خرجا من المعمل بشكل طبيعي ..

و للوهلة الاولى احس (جون) بجو من التوتر يسود المكان فالكل متجمع من خدم وحراس وبعض العمال في هذا الوقت المتأخر من الليل فلربما استيقظوا بسبب الصراخ وجلبة الحرس وما وصفه (جاك) للعالم ..

فور ظهور العالم اتجهت اليه الانظار بترقب وتوتر فقال : الكل ينصرف الى فراشه ويبقى من له عمل فقط .. اريد رئيس الحرس معي في غرفة المطالعة .

ثم التفت الى احد الحرس وتابع : اريد (سارة) وامها هناك حالا وتفقدوا (يوري) وما وضعه الآن ولا تتركوا احدا لساعتين على الاقل من الآن يتجول في المكان الا للضرورة وبعد ان تتأكدوا من غرضه من مغادرة مخدعه .. هيا بسرعة .

اصطحب الحارس ثلة من رفاقه لتنفيذ امر العالم الذي اتجه الى غرفة في طرف المكان ولحق به قائد الحرس و(جون) بالطبع ولو ان قائد الحرس نظر الى (جون) كأنه يسأله ماذا يفعل هنا ولماذا لم ينصرف كالبقية .. لكن صمت العالم عن لحاق (جون) به جعله يعدل عن السؤال او الاعتراض فما دام العالم يعلم بلحاق (جون) به اذن لا شأن له بالأمر ..

و دخل الجميع الى غرفة المطالعة التي يدخلها (جون) لاول مرة ..

كانت غرفة كبيرة تشبه غرف الاجتماعات وقد غطت جرانها المكتبات واللوحات التي تمثل فتيانا وفتيات انصاف عراة كما الفن الاغريقي واليوناني في حدائق غناء وينابيع جميلة وكانت الغرفة بلا نوافذ لكن لها نظام تهوية متقن ووسطها طاولة بيضاوية كبيرة حولها مقاعد مريحة بلا مساند ..

و اتخذ العالم مجلسه واشار لجون ان يجلس بجانبه ففعل في حين اتخذ قائد الحرس مجلسا بعيدا قليلا عنهم وكانت الطاولة الكبيرة مغطاة بغطاء جميل وعليها اوانٍ بها ازهار وكؤوس بلورية جميلة وعبوات من الشراب المتنوع وسلال فاكهة وعبوات مياه..

ساد الصمت وقد اراح العالم كفه فوق فخذ (جون) من تحت غطاء الطاولة فلم يعترض الاخير حتى عندما راح العالم يتحسس فخذه من ركبته حتى مؤخرته ويضغط فخذه برفق ونعومة ..

قليل من الوقت وحدثت جلبة خفيفة في الخارج مع اصوات حادة متداخلة قبل ان ينفتح الباب ويدخل الحرس ومعهم (سارة) وامها واولاهما لا تزال تحمل حقيبتها وتصك اسنانها بشراسة والثانية تقاوم بعنف الحرس وتصرخ بهم مهددة اياهم بالويل والثبور وعظائم الامور ..

اسرع العالم يرفع يده من على فخذ (جون) ويضعها على الطاولة وهو يراقب الموقف بصمت غاضب ..

رغم ان الوقت متأخر جدا الا ان الكل بدا لـ (جون) متيقظا كأنه منتصف النهار ..

حتى هو لم يشعر بالرغبة في النوم ..

كان مستثارا من امرين ..

الاول تحسيس العالم على فخذيه والذي اورثه شعورا طاف بدنه كله ما بين ترقب لما سيحصل وما بين رغبة دفينة بوجود من يشبع شهوة شاذة خفيفة جدا في نفسه لم تكتمل بعد فهولا يزال يرى نفسه ذكرا وجسده لا يصلح كاجساد النساء وبالتالي رغم رغبته السلبية الا انه يعتبرها مجرد شيء عابر ..

و الثاني هو ما يجري من احداث امامه والاضطراب الحاصل بعد ظهور (يوري) الشبيه بثيران الفايكينج المحاربين حسب تصوره لهم ..

هدأ الوضع قليلا عندما جلس الكل حول الطاولة ..

و بادر العالم (سارة) قائلا : ماذا تفعلين ايتها الحمقاء ؟.. هل تعتقدين مثلا انك ان خرجت من القصر والحدائق الامنة الى المناطق القاحلة ستجدين والدك خلف الاسوار يحتضنك بشوق ويغمر وجهك بالقبلات مثلا ؟.

تخيل (جون) والد (سارة) يحتضنها ويضع يده على مؤخرتها الناعمة الجميلة وهو يرفعها ويقبل فمها الجميل وهو تطوق رقبته بذراعيها و..

افاق من خياله الاحمق على صوت الجد الغاضب يقول : على أي اساس تريدين الذهاب؟ .. هل لديك خريطة ؟ .. أي دليل تنطلقين خلفه ؟.. أي حرس ؟ .. حتى ما تحملينه لا يصلح لنزهة جميلة لنصف نهار في حديقة غناء .. أي حماقة .. يا للهول .. ما الذي ضرب تفكيرك الهادئ يا (سارة)؟ ..

بقيت (سارة) تنظر اليه بتنمر وصمت ..

لكنه تابع بنفس الحدة : أي حماقة وأي جهل وأي تسرع .

و لوح بيده قائلا : هل تظنين انك تهتمين بولدي اكثر مني ؟ ..هراء .. ان قلبي يتمزق لآجله الف مرة اكثر مما يفعل قلبك .. لكني اؤمن بالعلم والمنطق .. لا تعلمون ما ينتظر أي شخص يخرج خارج هذه الاسوار ولا تعلمون كم نعاني لابقاء ما تحيط به آمنا ولا تعلمون ما يجري خلف الاسوار من امور يشيب لها الطفل الرضيع .

قالت سارة من بين اسنانها : وكيف وصل العم (يوري) بسلام اذن ؟ .. ما الذي يضمن لنا ان تلك الاخطار التي تهول في وصفها لنا ليست الا خرافات لمنع أي منا من المغادرة او الخروج من قفصك الذهبي هذا ؟..

قال العالم بسخرية عصبية : قفصي الذهبي؟ .. ها .. اذن اخرجي ايتها العصفورة المتحذلقة شبرا واحدا خارج قفصك الذهبي هذا وستجدين عشرات القطط الشرسة تنتظرك لتنهشك نهشا وتتقاسم وجبتها الشهية بنهم .

صمتت (سارة) دون اقتناع ..

و تابع العالم قوله وهو ينظر الى امها : والقول ينطبق عليك انت ايضا .

قالت له بشراسة نمرة مفترسة : انت السبب في كل هذا .. اتظنني لا ادري ؟ .. اتظنني لا اعلم من جلب قطعانهم السارحة في الخارج .؟

قال العالم ضاغطا كلماته : احذري يا (نورا).. انت زوجة ابني وتظنين انك حقا تعلمين الكثير ..لكنك لا تعلمين الا القليل ما الحقائق وكل ما تعلمينه لا يتعدى القليل جدا من الكثير .

قالت بشراسة حادة : لكنه يكفي لاعلم عنكم الكثير من اسراركم السوداء .

قال بغضب : ماذا تريدين يا (نورا)؟.. لقد وفرنا لك كل ما تريدين هنا .. وانت تحيين حياة سعيدة .. اتظنيننا لا نعلم ؟ حمقاء تكونين اذن ..

صاحت به بغضب : ماذا اريد؟ .. اريد زوجي .. عودة (يوري) اكدت كونه حيا في مكان ما .. اتسمع جيدا ؟ .. اريد زوجي .. ويمكنك ساعتها اخباره بكل ما تعلم فلست اهتم وقتها بكل ما ستقوله له .

بشكل ما ادرك (جون) ان العالم يعرف بعلاقتها بالشاب الاسمر وربما غيره ..

و قال العالم بسخط : لم اتوقعك بهذه الحماقة .. اتظنين انني سطحي وسخيف الى هذه الدرجة ؟.. اريد لابني الا ان يكون هنا .. لكني ايضا لا اريد ان افقد المزيد من هذه العائلة الحمقاء التعيسة .

قالت صائحة : لماذا لا تعمل على استعادته مع رفاقه اذن ؟..

قال : تبا لغبائك .. لم يمض على وصول (يوري) عشر ساعات ولم نسمع بعد منه ما الذي جرى .. بعد ان يستفيق ونعرف القصة منه سنعرف كيف نرتب حملة للبحث واستعادة المفقودين .. لا اريد التضحية بالرجال والعتاد دون طائل فهم ايضا لهم عائلات ولديهم ***** قد يصبحوا ايتاما نتيجة للتسرع باخراجهم في رحلة بحث اشبه بأعمى في غرفة مظلمة يبحث عن نملة سوداء صغيرة .

قالت (سارة) هذه المرة : من قال اننا نريد حرسا ومرافقين ؟ انا عن نفسي سأنطلق وحدي بعد ان اعرف من العم (يوري) التفاصيل اللازمة .

قال العالم بحزم : افكر جديا بمنع (يوري) من مقابلتكما بل وافكر جديا بحجزكما في غرف محصنة حتى تنتهي هذه الازمة .. ان خرجتما من هذه الاسوار ستعيشان كجاريتين تافهتين لدى قطاع الطرق واسياد الكهوف وغيرهم .. ثم بعد ان يشبعوا منكما بعد دهور وخاصة ان حملت احداكما او كلاكما او ملوا منكما بعد ان يذبل جمالكما وتهترئ اجسادكما وتنحل من العذاب وقلة الطعام سيلقون بكما الى وحوش الجبال او يتسلوا بقتلكما باكثر السبل ايلاما .

صاحت (نورا) بشراسة : هذا غير صحيح والا لما وصل (يوري) الى هنا و..

قاطعها صوت الباب ينفتح فالتفتت مع الجميع لترى (يوري) واقفا على الباب وهو ينظر الى الجميع وقد بدا اكثر اتزانا ورزانة ..

و قال العالم بضيق : (يوري) .. لماذا قمت من نومك ؟ .. لا زلت متعبا .

قالت (نورا) وهي تنظر الى (يوري) : يبدو ان ضيفنا لم يكن بالارهاق الذي تصورناه فها هو يقف كمن خرج للتو من نزهة جميلة .

قال (يوري) بصوته الخشن قليلا : ان زعيقك كفيل بايقاظ قبيلة من الهنود بعد يوم صيد شاق في اعالي الجبال يا (نورا) .. لم تتغيري ابدا .

و تقدم للداخل برزانة واتخذ مجلسه على اقرب مقعد فارغ وجده ونظر في وجوه الموجودين وتوقف قليلا عند (جون) ربما لانه جديد ولم يره من قبل فهو يعرف الاسرة كلها ومن يعمل معها رغم ان هذا كان قبل سنوات او ربما لفت زيه الغريب وملامحه الغير مألوفة في البلاد نظره او كل هذا ..

بعد صمت قليل قال (يوري) : حسنا .. لا داعي لاضاعة الوقت .. سأخبركم بما جرى معنا من امور اشبه بالخيال ولا يصدقها حتى عقل معتوه شرب للتو عشرة زجاجات من الخمر .. استمعوا لما سأقوله فسيدهشكم قولي حتى النخاع .

-يتبع-​

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *