مترنحا كغصن عجوز في مهب الريح دخل (جاك) المكان وهو شبه غائب عن الرشد وشبه عارٍ يتخبط في مشيه ويهذي بكلام مختلط ..
و توقف الرجلان عن الممارسة الجنسية مع (جون) و(سارة) المخدرين وتبادلا النظر ومن ثم نظرا لـ (جاك) الذي اغلق الباب خلفه واستند اليه بوجهه قبل ان يعتدل ويعود للتقدم نحوهما وهو محمر الوجه زائغ العينان ..
همس الثاني : كيف دخل الباب وقد احكمت انت اغلاقه ؟
اجاب الاول من بين اسنانه : هذا الولد العاهر يعرف اسرارا كثيرة ولا بد انه دون وعي استخدم اسلوب الطوارئ للدخول .
قال الثاني بخفوت : انظر .. انه يهذي .. لا يدرك ما يدور حوله ولا حتى ما يراه .
في هذه اللحظة قال (جاك) بصوت مختل : من هنا ؟ .. اين.. لماذا هم ؟..
و اكمل كلامه بهمهمات مختلطة ..
تبادل الرجلان النظر ثم قال الثاني : انظر اليه .. انه يملك جسد فتاة هيفاء ..
قال الاول : اجل انه كذلك .. انه شاذ ايضا ويحب الذكور اكثر من الاناث ..
نظر اليه الثاني وقال : ما رأيك ان نضعه على السرير معهما ؟ انه يثير الشهوة بهذين الفخذين الرائعين وهذه المؤخرة المستديرة والبشرة النقية .
قال الاول : لا بأس .. لكن تذكر انه ليس نائما ويهذي وقد ينطق لسانه بما يحصل له لاحقا او تختزن ذاكرته ما يحصل ولو بشكل جزئي .
قال الثاني : سنوحي اليه بكلام يجعله ان تذكر ما سيحصل سيتذكره كحلم او هذيان سكير او حتى يشك انه حصل اصلا .. هذا ان تذكره ..
قال الاول بخبث : لنترك ملاكينا يستريحان قليلا ولنعبث بهذه الفتاة الشهية .
تركا (جون) و(سارة) وتوجها الى (جاك) المترنح وامسكاه كل من ذراع وقاداه ببطء الى السرير وهو لا يزال يهذي وعرياه من بقايا ملابسه تدريجيا حتى وصلا به الى السرير وهو عارٍ تماما وايديهما تطوف في جسده برفق ..
و همس الاول في اذنه : هنا انت في سريرك يا (جاك) .. استرخ تماما .
قال (جاك) : اريد العم (يوري) ان ..يأتي .. اريد ان .. اخبره انني وجدت .. الـ.. خريطة المنسية .. التي .. يجب ان يخبروا جدي (ديك) .. اوه ..اين شقيقتي ؟
تبادل الرجلان النظرات مرة اخرى ثم قال احدهما : لا تقلق .. سنخبرهما بكل شيء .. تعال ننم ونجعلك تحب (سارة) مثل كل مرة .
ثم قاده الى حيث السرير وقام احدهما باللعب بقضيب (جاك) حتى انتصب فدفعه برفق الى حيث رقدت (سارة) وقام الاخر برفع ساقيها وجعل (جاك) يمسك بهما وهو يضعهما على كتفي (جاك) ومن ثم دفعه قليلا حتى عبر قضيبه فرج شقيقته لنهايته وهو لا يزال يترنح ..
و التف الرجل الى خلف (جاك) وامسك وسطه بيد وباعد بين فلقتي مؤخرته باليد الاخرى وطلى شرجه بالسائل ودفع قضيبه الى شرج (جاك) الذي يستقر قضيبه في عمق رحم شقيقته (سارة) و(جاك) ثمل مترنح ..
وراح الرجل يخرج ويدخل قضيبه في شرج (جاك) وهو يمسك وسطه وبتحسس فخذيه وجسمه ومع حركته كان جسد (جاك) يتحرك وبالتالي يخرج قضيبه ويدخل في فرج شقيقته النائمة (سارة) في حين ذهب الآخر ليضاجع (جون) ..
قال وهو يتحسس جسده للمرة العاشرة : يا للشيطان .. لا اشبع ابدا من ملامسة فخذيه وجسده والممارسة معه .. من اي شيء صُنع هذا الفتى ؟
رد الآخر وهو يدخل ويخرج قضيبه من شرج (جاك) لاهثا : هنا ايضا جسد اسطوري .. يا للروعة .. هذه النعومة والمؤخرة الشهية كرواية غجرية .
قال صاحبه : تخيل .. بل ليس خيالا ..انه واقع .. اجمل واشهى اثنين بين ايدينا وتحت امرنا نتمتع بهما كما نشاء .
قال الآخر : والثالث اتانا يمشي على قدميه .. يا للروعة .
سأله صاحبه : لماذا لم نحضر (نورا) بدل تركها لحبيبها الوسيم ؟
رد الآخر : انها بالغة الجمال وشهية حقا .. لكن .. انا افضل المراهقين والصغار .. وها انت ترى .. كلهم لا بنقصهم الجمال ولا الاجساد الشهية ولا سهولة الممارسة وربما اشهى من جسد (نورا) قليلا .
دفع الرجل قضيبه في عمق (جون) وهو يقول : في هذه اتفق معك تماما .
راح كلاهما يمارسان الجنس بشهوة لم تفتر وراحت القضبان تدخل وتخرج من والى داخل (جون) و(جاك) وحتى (سارة) التي راح قضيب شقيقها يهتز داخل فرجها مع حركة القضيب الذي يدخل ويخرج من والى شرجه فيحرك جسده السكير ليتحرك قضيبه بدوره في فرج (سارة) المخدرة بعمق مثل (جون)..
و تساءل احدهما : ترى لم لم ينم هذا الفتى الشهي مثلهم ؟
قال الآخر :اعتقد انه لم يتناول شرابه كله فصار بحالة ما بين الصحوة والهذيان وهو للهذيان اقرب كما ترى ولا يدرك رغم انه لم ينم ما يدور حوله .
بعد ان قذفا مجددا تبادل الرجلان الادوار واحدهما يقول : هيا.. هيا .. اشتقت بشدة لجسد (جون) وفخذيه الرائعتين ..خذ انت جرب هذه المؤخرة السحرية .
كان (جاك) يترنح للخلف والامام دون وعي مدخلا قضيبه في فرج اخته ومخرجا اياه بحركات غير سريعة ودون قصد ..
وقف الرجل خلفه وقضيبه منتصب بشدة ولامس به ما بين فلقتي مؤخرة (جاك) محاولا الاحساس بنعومة المؤخرة النقية المستديرة ..
راح يمرر رأس قضيبه عبر الممر ما بين فلقتي مؤخرة(جاك) المتلامستين برفق صعودا ونزولا ثم امسك وسطه ودفع قضيبه بغير سرعة داخل مؤخرته ..
احساس جميل اجتاح بدنه وقضيبه يعبر المؤخرة الناعمة المستديرة ليعبر داخل الشرج السلس بغير صعوبة شاعرا بالشرج مثل يد ناعمة تمسك قضيبه وتدلكه له بنعومة من اوله لآخره ..
ثم راح يدخل ويخرج قضيبه متمتعا بهذا الاحساس الشهي الذي لا يمكن ان يشبع منه او ان يجد فيه ما يخفف الشهوة وخاصة انه راح يتحسس الفخذين والمؤخرة والجسد المستسلم لشهواته ..
اما في المقابل فقد كان لهاث صاحبه يدل على شدة شهوته وحرارة رغبته وهو يمارس الجنس مع جون بطريقة اقرب للجنون لكن دون عنف لكن بحركات تدل على شهوت فوارة ورغبة جنسية شديدة لا تكسرها اية عملية قذف او ممارسة ..
الفتى فاتن وشهي بحق ويستحق هذه الشهوة من الجميع فهو صغير السن بالغ الجمال شهي الجسد يفوق اغراء جسده وفخذيه كل الفتيات خاصة مع لبسه الكاشف الذي يكشف جمال وبياض فخذيه واستدارة مؤخرته الجميلة ..
استمر الرجلان يضاجعان الثلاثي الجميل مدة طويلة حتى كاد النهار ان ينتصف فقال احدهما لزميله وهو يقذف في شرج (سارة) : العقار الجنسي المقوي يعمل كالسحر فقد قذفنا فيهم مرات بلا عدد دون ان نتعب .. لكن علينا التوقف .. لقد شارف الوقت على الظهيرة وسيتفقد الخدم الغرف وينكشف امرنا .. هذا عدا عن ان مفعول المخدر على وشك الذهاب وسيستيقظ الجميع ونصير بموقف محرج للغاية وقد نفقد ثلاثتهم او (جون) على الاقل ..
قال الثاني وهو يفرغ منيه في شرج (جاك) الذي يضاجع (سارة) : معك حق .. هيا ننهي ما نقوم به ونعيد الجميع الى اماكنهم وننظف الآثار ونخفي ما فعلناه فهذا يحتاج الى بعض الوقت .
بعد فترةكان الرجلان يلبسان (جون) ملابسه التي نام بها ويعيدان المكان تماما كما كان قبل بدء الماراثون الجنسي ذاك ومن ثم حملا (سارة) و(جاك) بعد ان غطياهما كي لا يعرفهما احد فيما لو رآهما خارجان ولن يحاول احد معرفة ما يجري .
و من ثم غادرا المكان واغلقا الباب بشكل طبيعي تماما .
لم يكن اي منهما على خطأ اذ انه وبعد اقل من نصف ساعة بدأ (جون) يتململ في سريره ولكنه بقي مرهقا مغمض العينان ما بين الصحوة والنوم ..
مضت نحو نصف ساعة اخرى قبل ان يبدأ بالاستيقاظ الكامل وادراك ما حوله وان الوقت قد جاوز الظهيرة بكثير وانه نام اكثر من المطلوب ..
نهض وتمطى ثم خلع كل ما عليه ومشى عاريا تماما الى حيث ملابسه وراح يرتديها بتكاسل وهو يشعر بإرهاق نسبي جعله يلقي نفسه على السرير مرة اخرى على ظهره ويغمض عينيه قليلا محاولا استرداد نشاطه ..
بعد قليل نهض وعاد يتمطى ويهز رأسه كي ينفض النعاس من عينيه ورأسه ثم تلفت حوله قبل ان يتجه الى الباب ومن ثم يخرج قاصدا المعمل .
لم يكن يحس بتغير في جسده ولم يشعر بأن شرجه قد دخلته قضبان الرجال مرات ومرات فوق سريره فالسائل الذي استخدمه الرجلان يمنع الاحساس بالآثار لمدة تكفي بما فيها من مخدر طبيعي موضعي لكي يتعاد الجسد على الاثر وحتى يزول الاثر من الشرج فيعود طبيعيا ..
حتى السائل المنوي في جوفه لن يلاحظه (جون) وسيخرج في المرحاض دون ان ينتبه له ولن يعرف بالمختصر بكل ما حصل وربما ما سيحصل لاحقا ..
بكل الاحوال هو متجه ليعرف بقية قصة (يوري) العجيبة ..
في المعمل وجد العالم و(يوري) و(نورا) والمساعدين وكان العالم و(يوري) يتهامسان باهتمام ويتحدثان بحماسة ويشيران بأيديهما ..
كان واضحا انهما يناقشان مسألة علمية ما او لربما امورا تستحق الاهتمام ..
و اتخذ(جون) مجلسه على اول مقعد صادفه وحاول ان يسترخي عليه بانتظار حضور البقية كي يواصل (يوري) قصته العجيبة التي لم تكتمل بعد ..
كان يريد معرفة كل التفاصيل كي يتمكن من الانطلاق في رحلة موازية لرحلة مجموعة الباحثين التي اختفت لكن مع اخذ كل الاحتياطات اللازمة لمنع تكرار ما حدث لهم طبعا بعد ان يعرف ما حدث ويستعد له فهو في النهاية هنا لكي يحقق حلمه المستحيل مهما كلفه الامر ..
لم يمض وقت طويل قبل ان تحضر (سارة) للمعمل مع شقيقها وهما يتحدثان بأمر ما بصوت خافت ومن ثم يتخذ كل واحد منهما مقعدا ولم يكن متاحا الا مقعدين على يمين ويسار (جون) فاتخذت (سارة) يساره وشقيقها (جاك) المقعد الايمن ببساطة وصمت منتظرين كالبقية ..
جلس الكل صامتين ينتظرون ان يكمل (يوري) قصته العجيبة ..
تجول ببصره بين الوجوه من حوله ثم تنحنح وقال : كان الشيطان يسكن هناك ..لم يكن هناك ثمة اصوات كما يكون في الطبيعة رغم ان الاماكن كلها عامرة بالحياة ورغم ذلك بالكاد تسمع صوتا هنا او هناك لسنجاب هارب او طائر طنان او حفيف اشجار لا اكثر .. لربما قد اقتحمنا حدائق الشيطان دون ان ندري .. في الصباح عندما كنت ألملم اغراضي لاتابع سيري بحثا عن بقية الفريق لفت نظري وعلى مسافة اكثر من عشرة اذرع نصف اثر لقدم تختلف عن اقدام الحيوانات .. حملت متاعي على ظهري وابقيت سلاحي بيدي واقتربت بحذر من الأثر .. كان على ما يبدو اثرا منسيا او لم تكتمل ازالته لسبب ما .. كان النصف الامامي لقدم قريبة جدا من اقدام فتى ربما ..ما لفت نظري بشدة انها قدم بست اصابع .. نصف اثر قدم امامي بسمت بشري وست اصابع متساوية الحجم والشكل ..
تنهد (يوري) وهز رأسه كأنه يؤمن على حديث شخص ما وتابع : كان الشيطان يسكن هناك .. لا يمكن ان يكون بشرا من له ستة اصابع متساوية في قدميه ولو كان شكلها بشريا .. حثثت السير ساعات وساعات عبرت بها الخمائل والتلال والوديان التي كلها تشبه رحاب الجنة لكنها كانت وقتها بالنسبة لي مساكن العفاريت ومرابض الجان .. ثم اقبل المساء وانا اعبر فسحة جميلة بجانب نبع ماء عذب ومكان كأنه اعد خصيصا لينعم به أي عابر سبيل .. نصبت خيمتي واعددت نفسي للمبيت بعد ان احكمت بعض الفخاخ حولي ..
صمت قليلا ثم تابع وهو شارد البصر قليلا : نمت كصخرة .. وفي الصباح افقت وقد قارب الوقت الظهيرة ولم يحدث لي سوء .. لملمت اشيائي وفخاخي وسرت مرة اخرى .. وقفت بلا حراك وانا ارى نفس العلامة وكأن شيطانا حملها من هناك ووضعها امامي بحذافيرها .. اثر نصف قدم بست اصابع متساوية تماما .. هناك من يعبث معي وانا لا احب العبث .. غضبت وقمت بدوس الاثر ونثره من على التراب وانا اسب ساخطا ثم تابعت سيري .. لم ار احدا ولم احس بحركة او اسمع أي صوت غريب لكن اقسمت لنفسي الف مرة ان هناك من يراقبني سرا ويتابع خطاي لحظة بلحظة لا ادري من ولا اين ولا كيف ولا لماذا .. لكنه كان او كانوا هناك في مكان ما .. هذا جعلني اسير بحذر بالغ وانا اتلفت حولي باستمرار طوال ساعات سيري وانا اطوف في الاماكن عشوائيا بحثا عن أي اثر لفريقي دون جدوى بالطبع .. لقد ذابوا كالملح في ماء نهر سريع الجريان ..استمر هذا الوضع لخمسة ايام وكل يوم اجد ذات الاثر بذات الطريقة وانثره بنفس الغضب عدا اليوم الخامس حيث لم اجد الاثر فتوجست شرا .. وقد كنت على حق .. اجل كنت كذلك ..
تنهد (يوري) وطاف ببصره بين الجميع ولم ينس التوقف قليلا عند (جون) الذي كان على ما يبدو اشدهم اهتماما بالحديث ثم تابع : كانوا قصار القامة قويو الاجساد ببشرة قمحية وازياء قريبة من ازياء الهنود وقبائل الغابات ويطلون اجسادهم بالوان تقارب جلود النمور وكانوا يحيطون بخيمتي تماما دون حراك ورماحهم الثلاثية الرؤوس مشرعة باتجاهي.. لكن لم تكن اقدامهم تحوي ستة اصابع .. لربما كان مجرد رمز ما .. كانوا اكثر من خمسين او هكذا بدوا لي .. كثيرون .. من بينهم تقدم واحد مميز الزي كأنه ديك رومي خرج للتو من قتال شرس من قط بري ..همهم بكلمات لا ادري حتى مخارج حروفها .. وعندما ادرك انني احدق به ببلاهة اشار لواحد لا يختلف عمن حوله فتقدم وتأملي بازدراء كانه يتأمل دبا احمقا وقع في فخ صيد ثم قال بلغة محلية محطمة (باسم الرب ” سوراكا “و ارواح الاجداد ومزمار الشيطان .. من انت ولماذا عبرت الى ارضنا المحرمة ؟ .. اكلت من ثمارنا واحيائنا وشربت من مائنا ونمت في ربوعنا دون سبب او قتال .. حلت عليك عقوبة لصوص بلاد الغرباء وعليك ان تخضع لحكم الاسياد). . كنت استمع الى هذا الهراء وانا اقيس عدد الرماح مقابل سرعتي في الجري فأجد انني سأكون خاسرا احمق لا اكثر وربما كان هذا مصير الآخرين .. تمسكت ببقايا الحكمة وحبال الخداع فقلت له بمداهنة : لتتبارك الارض ومن عليها .. انا عابر سبيل لا يدري اين اخذته الاقدار ولم يعرف ان عبّاد “سوراكا” الامجاد هم اصحاب هذه الارض .. واني اقدم الولاء لأرواح اجدادكم والتمس منها ان تدلني على طريق الخروج لبلادي البعيدة او احدا من رفاقي التائهين مثلي وسأكون شاكرا لفضلكم واقدم لكم امتناني واحترامي لمجدكم الطيب ان فعلتم .
تبسم (يوري) وهو يتابع : لست ادري هل كانوا من الحماقة بحيث صدقوا كلماتي ام انهم اعتبروني مجرد شخص ثرثار بكلام لا قيمة له وهم يتبادلون الكلمات الهامسة ويناقشون بعضهم دون ان يبدو عليهم انهم كذبوا او صدقوا كلامي .. لكن بعد قليل تقدم خمسة منهم واحاطوا بي والمترجم خاصتهم يقول : اتبعنا ولا تحاول ان تفعل ما يغضب القائد والا ارسلناك الى مسكن الموتى في حفرة الموت النارية .. كان على ما يبدو يصف فوهة بركان ما ..ربما .. المهم انني سرت معهم بهدوء ظاهري وانا اتوجس خيفة مما انا مقبل عليه من مجهول مريب .. هذه الرماح المشرعة والسحن العابسة لا تبشر بخير ..
في تلك اللحظة دخل المعمل خادم يحمل صينية انيقة اصطفت فوقها كؤوس بلورية وابريق كبير كريستالي يمتلئ بالشراب اللذيذ ووضعها على الطاولة ثم صب منها للجميع وغادر ..
تناول الجميع كؤوسهم وارتشفوا منها شاعرين بالنشاط مع كل رشفة ..
تابع يوري وهو يدير الكأس بين كفيه متأملا لمعان البلور : كانت قريتهم ان جاز التعبير عبارة عن جبل صخري ضخم او هي صخرة واحدة بحجم جبل كبير نحتوا بها منازل تجمع ما بين الكهوف والبيوت وكانت ايضا تجمع ما بين النحت والبناء بطريقة هندسية اشبه بمستعمرات النمل وخلايا النحل معا .. مزيج عجيب من هندسة البناء البدائية والمتوسطة الحداثة .. وكانت هناك ساحة كبيرة منحوتة ايضا من نفس الجبل امام القرية .. تخيلوا قرية كاملة ببيوتها وطرقاتها المعلقة وساحتها وسورها الامامي مكونة من صخرة واحدة .. ومن يدري ؟.. فلربما كان هناك الكثير والكثير في عمق الجبل واسفل الارض .. فانا لم اطف بالطبع فيها وفي معالمها واكتشف اسرارها .. بكل الاحوال كانت تناسبهم ..
ارتشف (يوري) من كأسه ثم عاد يديره بين كفيه متابعا : لم اكن اعلم كم كنت ساذجا عندما ظننت انهم مجرد شعب بدائي جاهل وجد شخصا يفوقهم علما وانهم ربما لا يلبثوا حتى يسجدوا لي ظنا منهم انني اله او ما شابه .. اشار كبير المجموعة بيده في الهواء فتقدم بعض الموجودين من اذرع معدنية منقوشة بنقوش مختلفة وشدوا بعضها بطرق مختلفة .. احسست بحركة كبيرة وشاهدت جدرانا تتحرك واخرى تدور واشياء تبرز من الارض واخرى تغوص فيها وتبدلت اماكن كثيرة من حولنا لأجد نفسي وسط ما يشبه المدرج الروماني القديم لكن بدل الدرج كان هناك امام الموجودين ما يشبه طاولات القضاة والمحكمين وانني صرت وسط الساحة المستديرة اقف على دائرة حجرية اواجه خمسة من هؤلاء يشبهون ذاك الديك الرومي المنتوف الريش قائد المجموعة التي اسرتني ..
قال (جون) : يبدو الامر اشبه بمحكمة وانت المتهم فيها .
قال (يوري) : هذا ما ظننته في البداية .. لكني كنت مخطئا جدا .. كان الامر اكبر من هذا بكثير .. ولست ادري اكان هذا من حسن حظي ام من سوء طالعي .. لقد اعتبروا كلماتي التي نطقت بها امام تلك الثلة من الحرس استرحاما لآلهتهم السخيفة كي اكون خادما لها او احد افرا شعبهم او اي شيء غبي من هذا القبيل .. وكانت تلك مراسم اختباري واختبار ولائي لهم لآلهتهم وعلى اثرها سيقررون قبول طلبي او رفضه .. والرفض قد يعني النفي الى مجاهل قاتلة ربما او الاعدام او اي شيء يناسب احتفالا كهذا .. ربما لو قاتلتهم هناك من قبل لقتلوني قبل ان اصفع اقربهم لي .. ربما تلك الكلمات التي فهموها هكذا قد انقذت حياتي لكنها وضعتني في موضع عجيب .. وكما قلت .. لا ادري اكان هذا من حسن حظي ام من سوئه .. بكل الاحوال بدأت الاختبارات وذاك القصير القبيح يترجم لي كل كلامهم ومطالبهم وتعليماتهم وحتى شتائمهم وسخريتهم من شكلي .. كان الامر اشبه بأن تأتي بفأر ما وتجرب عليه وسائلك لترى تأثيرها عليه .. صيد الارانب والجري وراء الغزلان وتقييد ثيران برية وحتى الامساك بالأفاعي المجلجلة لم تكن امورا صعبة بشكل كبير .. لكن ما ضايقني هو قطاف العسل من قمة جدارية عالية والغوص لقطاف اللؤلؤ في المرحلة الاولى من هذا العذاب المقيم ..
ارتشف من كأسه وتابع : احمقا كنت بحق عندما ظننت ان احضار اللؤلؤ كان آخر المطاف ووقفت متباهيا بنفسي وسطهم .. رغم ان المرحلة الاولى استغرقت ثلاثة ايام الا انها لم تكن سوى البداية .. كانت الاختبارات تزداد صعوبة وخطرا وانا ازداد ارهاقا وخشية من القادم .. لم تكن الامور حقيقة تبشر بخير .. وكان لا بد لي من ايجاد حل فهؤلاء القوم يبتكرون لي المعجزات كأنهم يسعون بكل السبل كي افشل ويتخلصوا مني في فوهة بركان ما .. لا شك ان احدا لم ينجح في تلك الاختبارات فأنا لم ار بينهم اي كائن غريب يختلف عنهم ولا اظن انني او الغرباء الوافدين عليهم سننجح بكل شيء ولربما تخلصوا من البقية .. لكن لا اعتقد انهم خاضوا مثلي تلك التجارب فنحن وصلنا بنفس الفترة الزمنية وبالتالي ان كانوا قد اسروهم فإما ان يخضعوهم مثلي للاختبار ان خضع رفاقي لهم واعلنوا الولاء او ان يضعوهم في سجن ما وبالتالي ستكون هناك فرصة لإنقاذهم او التواصل معهم او انهم اعدموهم مباشرة .. كل الاحتمالات واردة ..
تنهد (يوري) وقال وهو يسرح ببصره : اي ساذج كان سيدرك ما ادركته .. لن يحاولوا عرقلة عملي في الاختبارات وسيكونوا منصفين وشرفاء في الاختبارات لكن الاختبارات نفسها تقترب من المستحيل كلما عبرت من مرحلة لاخرى .. الخبثاء .. من هنا قررت ان علي النجاة بروحي وبدأت اخطط للفرار من قريتهم .. ورحت ادرس واختزن في ذاكرتي كل ما يمر امام ناظري من اماكن وطرقات معلقة ونظام حراسة وغيره مما امر به اثناء المهمات القاتلة ..كان علي ان اسرع بهذا لانه كلما طال الوقت باتت المهمات اصعب وبت اقرب للفشل ..
اخيرا استقر رأيي على خطة محدد وهي ان استغل نوم الجميع وان اتجه صوب الطرف الشرقي للقرية وادور حولها واعود عبر الحدائق بحثا عن الطريق التي سلكناها انا والفريق من قبل ومن ثم اعود عبر الكهوف الى هنا .. وكان علي ان اتخلص من ثلاثة من الحرس او ان امر من منطقتهم دون ان يروني او تطالني رماحهم تلك .. تلك الليلة استلقيت فوق فراشي مرهقا بشدة واعاني من بعض الجراح والكدمات من اثر مصارعة دب رمادي شرس كلفت باصطياده .. لكني لم انم وقد اكتملت الخطة في ذهني .. وفي هدأة الليل وقد سكنت الطبيعة من حولي جمعت امتعتي وبعض ما وقع تحت يدي وحملتها على ظهري واخذت فيما اخذت سيفا قصيرا خفيفا ربطته حول وسطي وتسللت عبر الاروقة فقد كانت غرفتي في طرف القرية في مكان محاط بالحرس من الخارج لذا فقد عبرت للداخل وهو ما لا يتوقعه احد منهم .. سرت بحثا عن مخرج لكني وجدت انني اغوص في قريتهم الجبلية المنارة من الداخل عبر انعكاس الاضواء على المرايا بطريقة هندسية جميلة ..تهت لأكثر من ساعة قبل ان امر بسرب طويل من الغرف في ممر طويل وكانت الغرف على يميني وعلى يساري نوافذ مستديرة تطل على الخارج من ارتفاع كبير نسبيا .. يبدو انني كنت اصعد للأعلى دون ان انتبه .. كنت انظر مرة الى داخل الغرف ومرة الى خارج المكان وانا اسير في الممر ..
قالت (نورا) بتمعن : هل كان الممر ذاك كما اظن ؟ ..
قال (يوري) : اجل .. كانت زنازين اغلبها فارغ وبعضها به آثر جثث ما .. وفي عدد منها رأيت بعض اناسا غرباء نياما من الوان وجنسيات مختلفة وعددهم قليل .. في احدها رأيت احد افراد بعثتنا .. حارس ..ناديته بخفوت فانتبه ودهش جدا لكنه سيطر على نفسه واقترب من نافذة الزنزانة فقلت له انني سأحرره وسألته عن البقية فقال لي انه لا يعلم اين هم فقد امسكوه وحده وربما كانوا قتلى او اسرى في اماكن اخرى فهذه الزنازين بالمئات هنا وفي اماكن متفرقة وعرفت منه انها مدينة ضخمة وليست كظاهرها قرية منحوتة وانها تغوص في اعماق الارض فراسخ كثيرة يمينا ويسارا وكل اتجاه وللأسفل مسافة كبيرة .. وهي عالم معقد عجيب كبلاد الشياطين .. وقال لي ان لا اقلق بشأنه وان علي ان اغادر عبر الصعود للأعلى ومهما كانت الظروف ان لا اتجه الا للأعلى حتى اصل قمة القرية ومن ثم سأجد طريق الفرار الى المستنقعات وعلي عندما اصلها ان اسير فيها باتجاه الجنوب حتى اخرج منها وبعدها اسير باتجاه الشرق حتى اصل سلاسل الجبال وهي تلك المتصلة بالمكان الذي خرجنا منه جميعا وانا اعرف الباقي .. سألته من اين عرف كل هذا فقال ان كل السجناء يعرفون هذا وان من حاولوا الفرار عبرها اما هلكوا في المستنقعات الخطرة او على يد الحرس وربما قلة قليلة للغاية وصلت مأمنها وبكل الاحوال هم لا يخفون هذا عن احد هنا ..
صمت (يوري) ليلتقط انفاسه ثم تابع : الطريق معروف لكن لا احد يعرف ما حصل مع من سلكوه فلم يعد احد منهم .. فمن ادركه الحرس قتلوه ومن تاه في المستنقعات هلك .. ومن تاه في طريقه غاب للابد ومن نجح لم يرجع من بلاده ليروي ما حصل معه .. قلت له انني بكل الاحوال سأحاول ايجاد البقية وسأعود بنجدة مناسبة.. كرر كلامه بعدم المجازفة .. وانطلقت انا في الممرات مختارا الطرق التي تصعد للأعلى مستغلا خلوها والكل نيام واطمئنان الحرس في الخارج لعدم وجود احد مستيقظ في الداخل .. وصلت اخيرا الى السطح وكان سطح الجبل الصخري ذاك عبارة عن ما يشبه الساحة الضخمة جدا والتي نحتت بها صخور تشبه القباب المخرمة ربما كانت نظام تهوية ما وفي طرف الساحة الجنوبي جسر معلق من الحجارة على شكل قنطرة ضخمة يوصل الى ما يشبه الجبل العشبي ..انطلقت متسللا من بين تلك القباب حتى وصلت القنطرة وعبرتها دون ان اجرؤ على النظر من حافتها لشدة الارتفاع ولكي لا يلمحني احد .. تخطيت القنطرة الضخمة لأجد نفسي امام ادغال عشبية لا ادري ما تخفيه من مخاطر لكني اقتحمتها ..لم يكن امامي خيار آخر غير المضي قدما .
قال (جاك) : يا للهول .. اظن ان حظك بلغ منتهاه حتى بقيت حيا .
قال العالم : دعنا نستمع يا (جاك) فانا اسجل ملاحظاتي .
قال (يوري) : ليكن .. سنكمل القصة فما زال فيها الكثير ..
و رشف من الشراب وتابع : لا داعي لأن اقول ان الادغال العشبية كانت اخطر من الجلوس في وكر للدبابير .. كل ما يخطر ببالكم من اخطار الحشرات والزواحف والاعشاب السامة والمفترسات صحيح .. عانيت اياما طوال كنت انام فيها فوق الاشجار بنصف عين فالأفاعي والضواري ترتقيها بسهولة .. وعندما وصلت الى بداية المستنقعات ادركت ان الادغال العشبية كانت دعابة مسلية قياسا لما كان امامي .. مساحات شاسعة من المستنقعات التي قد يبلغ عمق حفر مياهها الآسنة امتارا كثيرة وتحوي تماسيح وافاعٍ ضخمة وحشرات لاسعة وكل ما يمكن ان تحويه مسطحات مائية ضخمة .. كان اول ما جال بخاطري انني يجب ان احصل على قارب او ان اصنع واحدا .. ولأجل هذا لا بد من قطع الاشجار وتجويفها وربطها وصنع الصاري والشراع والمجاديف وهذا قد يستغرق شهرا ..او البحث عن قارب والحصول عليه او سرقته من اصحابه .. لا تنظروا الي هكذا .. ان السرقة هنا تساوي حياتي نفسها فانا لا اعرف صناعة القوارب ولو حاولت صنع واحد لغاص بي فورا وهلكت .. بعد بحث عثرت على ضالتي .. لكن وانا اجري بالقارب المسروق دافعا اياه فوق عربة من اربع عجلات طاردني الحرس .. واكتشفت ان رماحهم الثلاثية ليست مجرد رماح معدنية صماء .. بل كانت اخطر الف مرة ..
-يتبع-